٤ ـ يباح أن يحذّر المسلم أخاه المسلم ممن يخافه عليه ، ولا يكون داخلا في معنى الغيبة ؛ لأن يعقوب (إسرائيل) عليهالسلام قد حذّر يوسف عليهالسلام أن يقص رؤياه على إخوته ، فيكيدوا له كيدا.
٥ ـ في الآية دليل واضح على معرفة يعقوب عليهالسلام بتأويل الرؤيا ، فإنه عرف أن يوسف سيظهر على إخوته ، فسّره ذلك ودل على أن محبته له كانت مبنية على مقومات فيه ، والرجل يودّ أن يكون ولده خيرا منه ، أما الأخ فلا يودّ ذلك لأخيه.
ودلت الآية أيضا على أن يعقوب عليهالسلام كان أحسّ من بنيه حسد يوسف وبغضه ، فنهاه عن قص الرؤيا عليهم خوف المكيدة والحسد ، والعمل على هلاكه. ودل هذا وفعلهم بيوسف يدل على أنهم كانوا غير أنبياء ؛ لأن الأنبياء معصومون من الحسد الدنيوي ، ومن عقوق الآباء ، وتعريض مؤمن للهلاك ، وتآمر على قتله.
٦ ـ اشتمل كلام يعقوب مع ابنه يوسف على عدة بشائر ، فأخبره أنه كما أكرمه الله بالرؤيا ، فإن الله يجتبيه ويحسن إليه بتحقيق الرؤيا ، بالسجود له. والاجتباء : اختيار معالي الأمور للمجتبى ، ويعلمه كيفية تعبير الرؤيا وتأويل أحاديث الأمم والكتب ودلائل التوحيد ، وهي إشارة إلى النبوة ، ويتم نعمته عليه بالنبوة ، كما أتم تلك النعمة على أجداده : إسحاق وإبراهيم ، فجعل الله إبراهيم خليلا ونبيا ونجاه من النار ، وجعل إسحاق نبيا أيضا ، وفي قول غير راجح : إنه الذبيح ، والنعمة : الذبح.
والخلاصة : إن القول الصحيح في تفسير النعمة على يوسف وغيره هي النبوة ؛ لأن النعمة التامة في حق البشر ليست إلا النبوة ، وكل ما سواها فهي ناقصة بالنسبة إليها. وإن يعقوب وعد يوسف بدرجات ثلاث : هي الاجتباء أو الاصطفاء ، وتعبير الرؤيا أو تأويلها ، والنبوة.