وهي التنبيه على عاقبة البغي والحسد ، وفضيلة ضبط النفس ، والتصديق بتعبير الرؤيا وصحة تأويلها إن كانت من نبي أو عالم ناصح.
٢ ـ لقد دفع التباغض والتحاسد والغيرة إخوة يوسف على تدبير مؤامرة لقتله أو إلقائه في بادية بعيدة عن الناس حتى يهلك ، أو يأخذه بعض التجار المسافرين ويتملكونه ؛ لأن خبر المنام بلغهم ، فتآمروا على كيده ، أو لمجرد الغيرة الشديدة من عاطفة أبيهم نحو يوسف وأخيه.
٣ ـ إن تفضيل بعض الأولاد على بعض يورث الحقد والحسد ، ويورث الآفات ، لكن يعقوب عليهالسلام العالم بذلك لم يفضل ولديه يوسف وأخيه إلا في المحبة ، والمحبة ليست في وسع البشر ، فكان معذورا فيه ، ولا لوم عليه.
٤ ـ دل قوله : (وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ) أي تائبين ، بأن تحدثوا توبة بعدئذ ، فيقبلها الله منكم ، وهو دليل على أن توبة القاتل مقبولة ؛ لأن الله تعالى لم ينكر هذا القول منهم ، كما ذكر القرطبي (١).
٥ ـ علق محمد بن إسحاق على مؤامرة أولاد يعقوب على أخيهم يوسف فقال فيما رواه ابن أبي حاتم : لقد اجتمعوا على أمر عظيم من قطيعة الرحم ، وعقوق الوالد ، وقلة الرأفة بالصغير الضرع الذي لا ذنب له ، وبالكبير الفاني ذي الحق والحرمة والفضل ، وخطره عند الله ، مع حق الوالد على ولده ، ليفرقوا بينه وبين أبيه وحبيبه ، على كبر سنه ، ورقة عظمه ، مع مكانه من الله ، ممن أحبه طفلا صغيرا ، وبين الأب وابنه على ضعف قوته ، وصغر سنه ، وحاجته إلى لطف والده ، وسكونه إليه ، يغفر الله لهم ، وهو أرحم الراحمين ، فقد احتملوا أمرا عظيما (٢).
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٩ / ١٣١
(٢) تفسير ابن كثير : ٢ / ٤٧٠