[الأنبياء ٢١ / ٣٠] وهذا ما يسميه علماء الفلك بنظرية السديم ، ويعبر عنها القرآن بالدخان ، أو الماء أو متن الريح.
ثم ذكر تعالى علة الخلق العجيب بقوله : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) أي خلق السموات والأرض لنفع عباده الذين خلقهم ليعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، ولم يخلق ذلك عبثا ، كما قال تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات ٥١ / ٥٦] وقال : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً ، وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) [المؤمنون ٢٣ / ١١٥].
والتكليف بالعبادة والطاعة واجتناب المعاصي للاختبار والامتحان ، ومعرفة الأحسن عملا : وهو العمل الخالص لله عزوجل ، القائم على أساس شريعة الله ، فإذا فقد العمل أحد هذين الشرطين حبط وبطل ، فمن شكر وأطاع أثابه الله ، ومن كفر وعصى عاقبه. ولما أشبه ذلك اختبار المختبر قال : (لِيَبْلُوَكُمْ) أي ليفعل بكم ما يفعل المبتلي لأحوالكم ، كيف تعملون.
وبما أن للابتلاء والاختبار ثمرة ، فلا بدّ من حصول الحشر والنشر ، المقتضي تخصيص المحسن بالرحمة والثواب ، وتخصيص المسيء بالعقاب ، ولا بد للعاقل من الاعتراف بالمعاد والقيامة ، لذا قال تعالى : (وَلَئِنْ قُلْتَ : إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ ...).
والمعنى ولئن أقمت يا محمد الأدلة على البعث بعد الموت ، وذكرت ذلك للمشركين ، لقال الكافرون : هذا سحر ، أي غرور باطل ؛ لأن السحر في مفهومهم باطل. ومعنى الجملة : ما البعث أو القول به أو القرآن المتضمن لذكره إلا كالسحر في الخديعة أو البطلان.