الاتهام من جملة كيدكن (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) أي إن مكر المرأة وكيدها شديد التأثير في النفوس ، غريب لا يفطن له الرجال ، ولا قبل لهم به ، ولا لحيلها وتدبيرها.
ويا يوسف أعرض عن ذكر هذه الواقعة واكتم خبرها عن الناس ، ويا أيتها المرأة اطلبي المغفرة لذنبك ، إنك كنت من زمرة الخاطئين أي المذنبين. وقوله هذا ؛ لأنه لم يكن غيورا ، فكان ساكنا ، أو لأن الله تعالى سلبه الغيرة ، وكان فيه لطف بيوسف ، حتى كفي ما قد يبادر به وعفا عنها.
فقه الحياة أو الأحكام :
موضوع الآيات بيان محنة يوسف ، وإظهار براءته ، واتهام زوجة العزيز ، وتكون الآيات دالة على ما يأتي :
١ ـ اتهام امرأة العزيز بمراودة يوسف عن نفسه ، وذكر في الآية ثلاثة تصرفات تؤكد تهمتها وهي : المراودة ، وإغلاق الأبواب ، ودعوتها يوسف لنفسها قائلة : (هَيْتَ)(١)(لَكَ) وهي لغة أهل حوران جنوب سوريا ، أي هلمّ أقبل وتعال.
٢ ـ دفاع يوسف عن نفسه ، مستخدما في الجواب ثلاثة أشياء : (مَعاذَ اللهِ ، إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ ، إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) ، استعاذ بالله واستجار به مما دعته إليه ، وتذكر فضل سيده عليه إذ آواه وأحسن مثواه ومقامه وتعهده بالرعاية والحفظ ، ونظر إلى المستقبل نظرة العاقل المتأمل الذي يصون
__________________
(١) قال النحاس : فيها سبع قراءات : هيت وهيت وهيت (الهاء فيهن مفتوحة) وهيت لك بكسر الهاء وفتح التاء ، وهيت لك بكسر الهاء والياء الساكنة والتاء المضمومة ، وهئت لك ، وهئت لك.