يا صاحبيّ فيه. (أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ ..) استفهام تقرير. (أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) أي هل الأرباب الشتى المتعددون خير أم الله الواحد المنفرد بالألوهية ، الغالب الذي لا يعادله ولا يقاومه غيره؟ (مِنْ دُونِهِ) أي غيره. (سَمَّيْتُمُوها) سميتم بها أصناما. (ما أَنْزَلَ اللهُ بِها) أي بعبادتها (مِنْ سُلْطانٍ) حجة وبرهان ، أي فليست هي إلا أشياء ذات أسامي أطلقتم عليها من غير حجة تدل على تحقق مسمياتها فيها ، فكأنكم لا تعبدون إلا الأسماء المجردة ، والمعنى أنكم سميتم ما لم يدل على استحقاقه الألوهية عقل ولا نقل آلهة ، ثم أخذتم تعبدونها باعتبار ما تطلقون عليها.
(إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) أي ما القضاء في أمر العبادة إلا لله وحده ؛ لأنه المستحق لها بالذات ، من حيث إنه الواجب لذاته ، الموجد للكل ، المالك لأمره. (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) أمر على لسان الأنبياء ألا تعبدوا إلا الذي دلت عليه الحجج. (ذلِكَ) التوحيد (الدِّينُ الْقَيِّمُ) المستقيم الحق ، وأنتم لا تميزون المعوج من القويم. وهذا من التدرج في الدعوة وإلزام الحجة ، فإنه عليهالسلام بين لهم :
أولا ـ رجحان التوحيد على تعدد الآلهة.
وثانيا ـ برهن على أن ما يسمونها آلهة ويعبدونها لا تستحق الألوهية ، فإن استحقاق العبادة إما بالذات وإما بالغير ، وكلا القسمين منتف عن تلك الآلهة.
وثالثا ـ نص على ما هو الحق القويم والدين المستقيم الذي لا يقتضي العقل غيره ولا يرتضي العلم دود.
(وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) وهم الكفار (لا يَعْلَمُونَ) فيخبطون في جهالاتهم ، ولا يدرون ما يصيرون إليه من العذاب ، فهم يشركون.
المناسبة :
بعد أن اتخذ العزيز وأهل مشورته قرارهم بحبس يوسف ، بالرغم من اقتناعهم بعفته ونزاهته وبراءته ، ذكر الله تعالى هنا تنفيذهم ذلك القرار الذي عزموا عليه ، من إدخاله السجن ، وأنهم لما أرادوا حبسه حبسوه وحبسوا معه اثنين من عبيد الملك ، وأن الله لطف بهم إذ علّمه تعبير الرؤيا ، وكان ذلك طريقا لإنقاذه من السجن.