تلقي المعارف والمعلومات وتكوين العقيدة السلمية ، ونظرا لعنادهم وعتوهم وكراهتهم الحق والهدى ، ما كانوا يطيقون سمع آيات القرآن والتبصر بآيات الكون.
(أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا ...) أي أولئك الموصوفون بالأوصاف السابقة خسروا أنفسهم ؛ لأنهم أدخلوا نارا حامية يتزايد سعيرها ، كما قال تعالى : (مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ ، كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) [الإسراء ١٧ / ٩٧] ولا موت ولا حياة فيها.
وضلّ عنهم أي ذهب عنهم الذي كانوا يفترونه من دون الله من الأنداد والأصنام ، فلم تجد عنهم شيئا ، بل ضرتهم كل الضرر ، كما قال تعالى : (وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً ، وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ) [الأحقاف ٤٦ / ٦] وقال سبحانه : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا ، كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ ، وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) [مريم ١٩ / ٨١ ـ ٨٢].
(لا جَرَمَ ...) حقا إنهم في الآخرة أخسر الناس صفقة ؛ لأنهم استبدلوا بنعيم الجنان ودرجاتها عذاب جهنم ودركاتها ، واعتاضوا عن نعيم الجنان بحميم آن ، وعن شرب الرحيق المختوم بسموم وحميم ، وعن الحور العين بطعام من غسلين ، وعن القصور العالية بالهاوية ، وعن قرب الرحمن بغضب الديان وعقابه.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ...) بعد أن ذكر تعالى حال الأشقياء أعقبه بذكر السعداء ، وهم الذين آمنوا بالله ورسوله ، وعملوا في الدنيا الأعمال الصالحة ، فآمنت قلوبهم ، وثابروا على الطاعات وترك المنكرات ، وخشعوا لله وأنابوا إليه ، فلهم جنات العلى ذات النعم التي لا تعد ولا تحصى ، من كل ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، وهم مخلدون فيها ، ماكثون فيها على الدوام ، لا يموتون ولا يهرمون ، ولا يمرضون ، ولا يخرج منهم مستقذر ، وإنما هو رشح مسك يعرقون به.