والاتعاظ بالحالين بقوله : (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) ذكر مجموعة من قصص الأنبياء للعظة والتذكر ، وبيان اشتراك النبي صلىاللهعليهوسلم مع من قبله من الأنبياء في الدعوة إلى أصول واحدة مشتركة بين الأنبياء ، وهي عبادة الله وحده والإيمان بالبعث والجزاء ، وتنبيها له على ملازمة الصبر على أذى الكفار إلى أن يكفيه الله أمرهم.
التفسير والبيان :
أول هذه القصص المذكورة هنا هي قصة نوح عليهالسلام ، وكان قد ذكر تعالى هذه القصة في سورة يونس ، وأعاد ذكرها هنا لما فيها من عظات وفوائد ، أهمها إعلام الكفار أن محمداصلىاللهعليهوسلم كغيره من الرسل ، جاء للدعوة إلى توحيد الله وإثبات البعث والحساب والجزاء.
وتضمنت قصة نوح هنا عدة عناصر هي :
وصف دعوته إجمالا ، ومناقشة قومه والرد عليهم ، واستعجالهم العذاب ، وكيفية صنع نوح السفينة ، وإغراقهم بالطوفان ، ونجاة نوح ومن آمن معه ، والتماس نوح إنجاء ابنه معه. وكان نوح عليهالسلام أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض من المشركين عبدة الأصنام.
والمعنى : تالله لقد أرسلنا نوحا إلى قومه المشركين ، فقال لهم : إني لكم نذير من الله ظاهر الإنذار ، أنذركم عذابه وبأسه إن أنتم عبدتم غير الله ، فآمنوا به وأطيعوا أمره ، ولا تعبدوا غيره ، ولا تشركوا به شيئا ؛ لأني أخاف عذاب يوم القيامة ، الذي هو عذاب شديد الألم.
ثم ذكر الله تعالى أجوبة قومه له وهي أربع شبهات :
الأولى ـ (فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا ..) أي قال السادة الكبراء من الكافرين منهم : ما أنت إلا بشر مثلنا ، أي لست بملك ، ولكنك بشر مشابه لنا في الجنس ، فلا مزية تمتاز بها علينا تستوجب الطاعة.