(بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) والوصف : قص القصة ووصفها بأحسن وصف (النهر الماد من البحر لأبي حيان : ٥ / ٢٢٧) بهامش البحر المحيط.
المفردات اللغوية :
(وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ) متصل بمحذوف دل عليه : (ارْكَبُوا) أي فركبوا مسمين ، وهي تجري وهم فيها (مَوْجٍ) جمع موجة : وهي ما يرتفع من الماء الكثير عند اضطرابه (كَالْجِبالِ) في الارتفاع والعظم (وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ) كنعان (وَكانَ فِي مَعْزِلٍ) عن السفينة عزل فيه نفسه عن أبيه أو عن دينه (سَآوِي) سألجأ (يَعْصِمُنِي) يمنعني ويحفظني (مِنْ أَمْرِ اللهِ) عذاب (إِلَّا) لكن (مَنْ رَحِمَ) الله ، فهو المعصوم (ابْلَعِي ماءَكِ) اشربي الماء الذي نبع منك ، فشربته دون ما نزل من السماء ، فصار أنهارا وبحارا (أَقْلِعِي) أمسكي عن المطر ، فأمسكت.
(وَغِيضَ) نقص (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) تم أمر هلاك قوم نوح الكافرين وإنجاء المؤمنين (وَاسْتَوَتْ) وقفت واستقرت السفينة (عَلَى الْجُودِيِ) جبل بالجزيرة بقرب الموصل في ديار بكر. وهذا النداء والخطاب بالأمر استعارة مجازية (بُعْداً) هلاكا (لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) الكافرين. والآية في غاية الفصاحة لفخامة لفظها وحسن نظمها ، والدلالة على كنه الحال ، مع الإيجاز الخالي عن الإخلال. وإيراد الأخبار للمجهول للدلالة على تعظيم الفاعل ، وأنه متعين في نفسه.
(إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) إن كنعان من أهلي وقد وعدتني بنجاتهم (وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُ) الذي لا خلف فيه (وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ) أعلمهم وأعدلهم.
(إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) الناجين أو ليس من أهل دينك. قال ابن عباس : كان ابنه من صلبه ، ولكنه لم يكن مؤمنا ، وما بغت امرأة نبي قط. ومعنى الآية : إنه ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك. (إِنَّهُ) أي سؤالك إياي بنجاته أو إن ابنك ذو عمل غير صالح ، فإنه كافر ، ولا نجاة للكافرين. وفي قراءة بكسر ميم (عَمَلٌ) ونصب غير ، فالضمير لابنه (ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) من إنجاء ابنك (مِنَ الْجاهِلِينَ) بسؤالك ما لم تعلم ؛ لأن استثناء من سبق عليه القول من أهله قد دله على الحال ، وأغناه عن السؤال ، لكن أشغله حب الولد عنه ، حتى اشتبه عليه الأمر.
(أَنْ أَسْئَلَكَ) في المستقبل (ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ) ما لا علم لي بصحته (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي) ما فرط مني من السؤال (وَتَرْحَمْنِي) بالتوبة والتفضل علي (أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ) أعمالا.
المناسبة :
بعد أن أمر نوح عليهالسلام أهله والمؤمنين بركوب السفينة قائلين : بسم