الله ، أعقبه بتصوير إلهي رائع لسير السفينة وسط المياه ذات الأمواج العظيمة ، بسبب الرياح الشديدة العاصفة ، وبقصد بيان شدة الهول والفزع.
التفسير والبيان :
السفينة تجري بسرعة ، سائرة بهم على وجه الماء الذي قد طبق جميع الأرض ، حتى طفت على رؤوس الجبال ، وارتفع عليها بخمسة عشر ذراعا ، وقيل : بثمانين ميلا.
إنها تجري بهم وسط أمواج كالجبال الشاهقة في ارتفاعها وعظم حجمها ، وهذا يدل على حصول رياح عاصفة شديدة حينذاك ، والمقصود : بيان شدة الهول والفزع.
وهي تسير بإذن الله وتحت كنفه ورعايته وحراسته ، كما قال تعالى : (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ ، لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) [الحاقة ٦٩ / ١١ ـ ١٢] وقال سبحانه : (وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ ، تَجْرِي بِأَعْيُنِنا ، جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ. وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر ٥٤ / ١٣ ـ ١٥].
واستولت الشفقة وعاطفة الأبوة على نوح ، فنادى ابنه وهو الابن الرابع ، واسمه يام أو كنعان ، وكان في مكان منعزل عنه ، وكان كافرا دعاه أبوه عند ركوب السفينة أن يؤمن ويركب معهم ، ولا يغرق مثل ما يغرق الكافرون ، ناداه بقوله : يا بني اركب معنا الفلك ، ولا تكن مع الكافرين الهالكين.
فرد الابن العاصي عليه قائلا : سآوي وأصير إلى جبل يحفظني من الغرق في الماء ، ظنا منه أنه ماء سيل عادي يمكن النجاة منه بالتحصن في مكان عال أو جبل شامخ.
فأجابه نوح عليهالسلام : ليس شيء يعصم اليوم من أمر الله وعذابه الذي