يعاقب به الكافرين ، لكن يحفظ من رحم الله ، ومن رحمهالله فهو المعصوم ، أي إلا مكان من رحم الله من المؤمنين ، وكان لهم غفورا رحيما ، غفورا لذنوبهم رحيما بهم إذا تابوا وأنابوا. أو إلا الراحم وهو الله ، وقيل : إن عاصما بمعنى معصوم ، كما يقال : طاعم وكاس ، بمعنى مطعوم ومكسو.
وحال الماء الذي بدأ يرتفع بين الوالد والولد أثناء النقاش فكان من المغرقين الهالكين.
وما أدهش هذا المنظر الرهيب ، ماء ينهمر من السماء ، وأرض تتفجر بالمياه ، فيرتفع حتى يغطي أعالي الجبال ، ويغمر الأرض.
ولما أغرق أهل الأرض كلهم إلا أصحاب السفينة ، أمر الله الأرض أن تبلغ ماءها الذي نبع منها واجتمع عليها ، وأمر السماء أن تقلع عن المطر ، وتم النداء العلوي : يا أرض ابلعي ماءك الذي تفجر منك ، ويا سماء كفّي عن المطر ، فغاض الماء ، أي نقص ، امتثالا للأمر ، وقضي الأمر ، أي وأنجز ما وعد الله نوحا من هلاك قومه الظالمين ، واستقرت السفينة بمن فيها على جبل الجودي بالجزيرة شمال العراق ، في الموصل ، وقيل : هلاكا وخسارا للقوم الظالمين ، وبعدا من رحمة الله ، فإنهم قد هلكوا عن آخرهم ، فلم يبق لهم بقية ، بسبب ظلمهم وكفرهم.
واستبدت العاطفة مرة أخرى بنوح على ابنه ، فسأل ربه سؤال تسليم وكشف عن حال ولده ، فقال مناديا ربه : رب إن ابني من أهلي ، وقد وعدتني بنجاتهم ، ووعدك الحق الذي لا يخلف ، فما مصيره ، وأنت أحكم الحاكمين وأعدلهم بالحق ، فحكمك يصدر عن كمال العلم والحكمة ، وتمام العدل والصواب ، حكمت على قوم بالنجاة ، وعلى قوم بالغرق.
فأجابه ربه : يا نوح إن ابنك ليس من أهلك الذين وعدت بإنجائهم ؛ لأني إنما وعدتك بنجاة من آمن من أهلك ، وابنك ذو عمل غير صالح ، أي تنكر