عليكم مطرا كثيرا متتابعا ، وقد كانوا بأشد الحاجة إلى المطر بعد أن منعوه ؛ لأنهم أصحاب زروع وبساتين ، ويزدكم قوة إلى قوتكم بالأموال والأولاد ، وعزا إلى عزكم ، وقد كانوا أشداء أقوياء يهمهم التفوق والغلبة على الناس ، والاعتزاز بالقوة ، كما قال تعالى : (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ ، وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً ، فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الأعراف ٧ / ٦٩] وقال سبحانه : (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ. وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ. وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ. وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ. أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ) [الشعراء ٢٦ / ١٢٨ ـ ١٣٣] وقالعزوجل: (فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ، وَقالُوا : مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) [فصلت ٤١ / ١٥].
(وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) ولا تعرضوا عني وعن دعوتي وعما أرغبكم فيه ، مصرّين على إجرامكم وآثامكم.
وفائدة الاستغفار المذكورة في الآية ، لها ما يؤيدها في السنة النبوية ، ففي الحديث الذي أخرجه أبو داود وابن ماجه عن ابن عباس : «من لزم الاستغفار ، جعل الله له من كل همّ فرجا ، ومن كل ضيق مخرجا ، ورزقه من حيث لا يحتسب».
وبعد أن حكى تعالى ما ذكره هود لقومه ، حكى ما ذكره القوم له : (قالُوا : يا هُودُ ..) أي قالوا لنبيهم : ما جئتنا بحجة وبرهان على ما تدعيه أنك رسول من عند الله ، ولن نترك عبادة آلهتنا بمجرد قولك : اتركوهم ، وما نحن لك بمصدقين ، وما نظن إلا أن بعض آلهتنا أصابك بجنون وخبل في عقلك بسبب شتمك لها ونهيك عن عبادتها وعيبك لها.
فكان جوابهم متضمنا أربعة أشياء كلها عناد وحماقة واستكبار ، وهي المطالبة بالبينة ؛ والإصرار على عبادة الآلهة ، مع أنهم كانوا يعترفون بأن النافع والضار هو الله تعالى ، وأن الأصنام لا تنفع ولا تضر ؛ وعدم التصديق برسالة هود مما يدل