المخاطبين (رَحْمَةً) نبوة (فَمَنْ يَنْصُرُنِي) يمنعني (مِنَ اللهِ) أي من عذابه (إِنْ عَصَيْتُهُ) في تبليغ رسالته ، والمنع عن الإشراك به (فَما تَزِيدُونَنِي) أي فما تطلبون مني باتباعكم (غَيْرَ تَخْسِيرٍ) تضليل أو إيقاع في الخسران باستبدال الشرك بالتوحيد ، أو بإبطال ما منحني الله به والتعرض لعذابه ، أو فما تزيدونني بما تقولون لي غير أن أنسبكم إلى الخسران (فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ) دعوها ترعى نباتها وتشرب ماءها (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ) عقر (فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ) عاجل لا يتراخى عن مسكم لها بالسوء إلا يسيرا ، وهو ثلاثة أيام ، إن عقرتموها (فَعَقَرُوها) قتلوها ، عقرها قدار بأمرهم (فَقالَ) صالح (تَمَتَّعُوا) عيشوا في منازلكم ثلاثة أيام : الأربعاء والخميس والجمعة ، ثم تهلكون (غَيْرُ مَكْذُوبٍ) فيه.
(فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا) بإهلاكهم (نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) وهم أربعة آلاف (وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) أي ونجيناهم من هلاكهم بالصيحة أو ذلهم أو فضيحتهم يوم القيامة (الْقَوِيُ) القادر على كل شيء (الْعَزِيزُ) الغالب على كل شيء. (الصَّيْحَةُ) المرة الواحدة من الصوت الشديد المهلك ، والمراد بها الصاعقة التي أحدثت رجفة في القلوب ، وصعق بها الكافرون (جاثِمِينَ) باركين على الركب ميتين ، أو ساقطين على وجوههم مصعوقين ، والجثوم للطائر كالبروك للبعير (يَغْنَوْا) يقيموا (فِيها) في دارهم (بُعْداً) هلاكا وطردا من رحمة الله ، وهو اللعن.
المناسبة :
هذه هي القصة الثالثة من القصص المذكورة في هذه السورة ، وهي قصة صالح مع ثمود ، وصالح هو الرسول الثاني من العرب ، ومساكن قبيلته ثمود : الحجر : وهي بين الحجاز والشام ، وآثار مدائنهم باقية إلى اليوم.
ونظم هذه القصة مثل النظم المذكور في قصة هود ، إلا أنه لما أمرهم بالتوحيد هاهنا ذكر في تقريره دليلين : الإنشاء من الأرض ، والاستعمار فيها أي جعلكم عمارها. وقد ذكرت قصة صالح في سورة الأعراف.
وسيأتي ذكر هذه القصة أيضا في سورة الشعراء والنمل والقمر والحجر وغيرها ، ومضمون القصة تبليغ صالح دعوته ، ومناقشتهم ، وإنذارهم بالهلاك ، وردودهم عليه ، وتأييد صدقه بمعجزة الناقة ، وقتلهم لها ، وإهلاكهم بالصيحة أو الصاعقة.