التفسير والبيان :
ولقد أرسلنا إلى ثمود الذين كانوا يسكنون مدائن الحجر بين تبوك والمدينة ، وكانوا بعد عاد ، أرسلنا لهم رجلا منهم أي من قبيلتهم ، وهو صالح عليهالسلام ، فأمرهم بعبادة الله وحده ، وأقام لهم دليلين على التوحيد :
الدليل الأول ـ قوله : (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) أي ابتدأ خلقكم منها ، إذ خلق منها أباكم آدم فهو أبو البشر ، ومادة التراب هي المادة الأولى التي خلق منها آدم ، ثم خلقكم أنتم من سلالة من طين ، بالوسائط التالية : من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة تكسى بعدئذ بهيكل عظمي ولحم ، وأصل النطفة من الدم ، والدم من الغذاء ، والغذاء إما من نبات الأرض أو من اللحم الذي يرجع إلى النبات.
والدليل الثاني ـ (وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها) أي جعلكم عمارا تعمرونها وتستغلونها بالزراعة والصناعة والبناء والتعدين. فكون الأرض قابلة للعمارة النافعة للإنسان ، وكون الإنسان قادرا عليها ، دليل على وجود الصانع الحكيم ، الذي قدر فهدى ، ومنح الإنسان العقل الهادي والأداة لتسخير موجودات الدنيا ، وجعل له القدرة على التصرف.
وإذا كان الله هو المستحق للعبادة وحده ، فاستغفروه لسالف ذنوبكم ، من الشرك والمعصية ، ثم توبوا إليه بالإقلاع عن الذنب في الماضي ، والعزم على عدم العودة إليه وإلى أمثاله في المستقبل.
إن ربي قريب من خلقه بالرحمة والعلم والسمع ، مجيب دعوة الداعي المحتاج المخلص بفضله ورحمته ، كقوله تعالى : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي ، فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) [البقرة ٢ / ١٨٦]