القيامة بغتة وما يشتمل عليه من العذاب الأخروي ، فحينئذ يعلمون من هو شر مكانا وأضعف جنودا ، على عكس ما كانوا يظنون في الدنيا من خيرية المقام وحسن الندي (المجلس) ، ويتبين لهم حقيقة الأمر ، أنهم هم شر مكانا ، لا خير مكانا ، وأضعف جندا ، لا أقوى ولا أحسن من فريق المؤمنين. وهذا رد على قولهم السابق : (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا). ونظير الآية : (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ ، وَما كانَ مُنْتَصِراً) [الكهف ١٨ / ٤٣].
ولما ذكر الله تعالى إمداد أهل الضلالة في ضلالهم ، أخبر عن زيادة الهدى للمهتدين ، فقال:
(وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً ، وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا) أي إن الله يزيد المهتدين إلى الإيمان توفيقا وهدى للخير ؛ لأن الخير يدعو إلى الخير.
وهذه مقابلة أو مقارنة واضحة بين المؤمنين والكافرين ، فالله يجعل جزاء المؤمنين أن يزيدهم يقينا ، كما يجعل جزاء الكافرين أن يمدهم في ضلالتهم ، كما قال تعالى : (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً ، فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً ، وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ، فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ ، وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ) [التوبة ٩ / ١٢٤ ـ ١٢٥].
وإن الطاعات المؤدية إلى السعادة الأبدية ، لا الأموال والأمتعة والأندية ، خير جزاء ، وخير مرجعا وعاقبة ، وأجدى نفعا لصاحبها.
فقه الحياة أو الأحكام :
يستدل بالآيات على ما يأتي :
١ ـ إن معايير الدين ومفاهيمه الصحيحة تختلف عن تصورات الجهلة والعوام