التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى عما كان من نهي هارون عليهالسلام قومه عن عبادتهم العجل وتحذيرهم منه ، وإخباره إياهم بأنه فتنة ، فيقول :
(وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ : يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ ، وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ ، فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي) أي لقد قال هارون عليهالسلام لقومه عبدة العجل من قبل أن يأتي موسى ويرجع إليهم : إنما وقعتم في الفتنة والاختبار لإيمانكم وحفظكم دينكم بسبب العجل ، وضللتم عن طريق الحق لأجله ، ليعرف صحيح الإيمان من عليله.
وإن ربكم الله الذي خلقكم وخلق كل شيء فقدره تقديرا ، لا العجل ، فاتبعوني في عبادة الله ، ولا تتبعوا السامري في أمره لكم بعبادة العجل ، وأطيعوا أمري لا أمره ، واتركوا ما أنهاكم عنه.
ويلاحظ أن هارون عليهالسلام وعظهم بأحسن الوجوه ؛ لأنه زجرهم عن الباطل أولا بقوله : (إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ) ثم دعاهم إلى معرفة الله تعالى ثانيا بقوله : (وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ) ثم دعاهم ثالثا إلى معرفة النبوة بقوله : (فَاتَّبِعُونِي) ثم دعاهم إلى الشرائع رابعا بقوله : (وَأَطِيعُوا أَمْرِي).
وقوله (إِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ) تذكير لهم بربوبية الله وقدرته التي أنجتهم من فرعون وجنوده ، وتذكير برحمة الله التي تدل على أنهم متى تابوا ، قبل الله توبتهم ؛ لأنه هو الرحمن الرحيم ، ومن رحمته تخليصهم من آفات فرعون وعذابه.
ولكنهم قابلوا الوعظ والنصح بالتقليد والجحود ، فقالوا :
(قالُوا : لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) أي قالوا : لا نقبل حجتك ، ولكن نقبل قول موسى ، فلا نترك عبادة العجل ، حتى نسمع