١ ـ (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) أي قد فازوا وسعدوا ، لاتصافهم بصفة الإيمان أي التصديق بالله ورسله واليوم الآخر.
٢ ـ (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) أي خائفون ساكنون ، والخشوع : خشوع القلب ، وهو الخضوع والتذلل مع الخوف وسكون الجوارح. قال الحسن البصري : كان خشوعهم في قلوبهم ، فغضوا بذلك أبصارهم ، وخفضوا الجناح.
والخشوع في الصلاة إنما يحصل لمن فرغ قلبه لها ، واشتغل بها عما عداها ، وآثرها على غيرها ، وحينئذ تكون له راحة وقرة عين ، كما قال النبي صلىاللهعليهوسلم في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والنسائي عن أنس : «حبّب إليّ الطيب ، والنساء ، وجعلت قرة عيني في الصلاة». وروى الإمام أحمد أيضا عن رجل من أسلم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «يا بلال ، أرحنا بالصلاة».
والخشوع واجب ضروري لتعقل معاني الصلاة ، ومناجاة الرب تعالى ، وتذكر الله والخوف من وعيده ، وتدبر آيات القرآن وتفهم معانيها ، كما قال تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) [محمد ٤٧ / ٢٤] وحينئذ يتخلص غالبا من وساوس الشيطان ومحاولة شغل الفكر وصرف المصلي عن صلاته ، كما قال تعالى : (وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ) [الأعراف ٧ / ٢٠٥]. لكن جمهور العلماء لم يشترطوا الخشوع في الصلاة للخروج من عهدة التكليف ، وإنما هو شرط لتحصيل الثواب عند الله تعالى.
٣ ـ (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) أي الذين يتركون رأسا كل ما كان حراما أو مكروها ، أو مباحا لا خير فيه ، ولا يعني الإنسان ولا حاجة له فيه. وذلك يشمل الكذب والهزل والسب وجميع المعاصي وما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال ، كما قال تعالى : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) [الفرقان ٢٥ / ٧٢].
ومع الأسف الشديد استبد اللهو في عصرنا في أفعال وأقوال كثير من الناس