ثم ردّ الله تعالى على من نسب إليه ولدا أو شريكا فقال :
(وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ ، فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) أي ومن يعبد إلها آخر مع الله الذي لا يستحق العبادة سواه ، دون أن يكون له دليل على صحة معتقده وعبادته ، فجزاؤه محقق شديد عند ربه وخالقه ، وذلك توبيخ وتقريع وتهديد بما لا يوصف ، فمن ادعى إلها آخر فقد ادعى باطلا من حيث لا برهان له فيه ، وما لا برهان فيه لا يجوز إثباته.
(إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) أي إنه لا يفوز الكفار بشيء من النعيم ، وإنما مصيرهم إلى الجحيم ، وهذا يقابل افتتاح السورة ، فإنه بشر بفلاح المؤمنين ، وختم هنا بخيبة الكافرين.
(وَقُلْ : رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) أي قل أيها النبي : يا رب اغفر لي ذنوبي ، واستر عيوبي ، وارحمني بقبول توبتي ، ونجاتي من العذاب ، فأنت خير من رحم عباده.
أخرج البخاري ومسلم والترمذي وابن حبّان عن أبي بكر أنه قال : «يا رسول الله ، علّمني دعاء أدعو به في صلاتي ، قال : قل : اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ، وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني ، إنك أنت الغفور الرحيم».
والآيتان الأخيرتان من آيات الشفاء ، أخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود أنه مرّ برجل مصاب ، فقرأ في أذنه : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً ..) حتى ختم السورة ، فبرأ ، فذكر ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال له : «بماذا قرأت في أذنه؟» فأخبره ، فقال : «والذي نفسي بيده ، لو أن رجلا موقنا قرأها على جبل لزال». وواضح من ذلك أن المعول عليه هو إيمان القارئ ويقينه وصفاؤه ، واستعداد المريض وقابليته للتداوي بالقرآن.