خطبها عمر بن عبد العزيز أن حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :
أما بعد ، أيها الناس : إنكم لم تخلقوا عبثا ، ولن تتركوا سدى ، وإن لكم معادا ينزل الله فيكم للحكم بينكم ، والفصل بينكم ، فخاب وخسر وشقي عبد أخرجه الله من رحمته ، وحرم جنة عرضها السموات والأرض ، ألم تعلموا أنه لا يأمن عذاب الله غدا إلا من حذر هذا اليوم ، وخافه ، وباع نافدا بباق ، وقليلا بكثير ، وخوفا بأمان.
ألا ترون أنكم من أصلاب الهالكين ، وسيكون من بعدكم الباقين ، حتى تردوا إلى خير الوارثين؟
ثم إنكم في كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله عزوجل ، قد قضى نحبه ، وانقضى أجله حتى تغيبوه في صدع من الأرض في بطن صدع غير ممهد ولا موسد ، قد فارق الأحباب ، وباشر التراب ، وواجه الحساب ، مرتهن بعلمه ، غني عما ترك ، فقير إلى ما قدم.
فاتقوا الله عباد الله قبل انقضاء مواثيقه ونزول الموت بكم.
ثم جعل طرف ردائه على وجهه ، فبكى وأبكى من حوله.
٥ ـ من قصر النظر وجهالة الإنسان وغبائه أن يظن كما يظن الماديون أن الدنيا هي كل شيء ، وألا رجعة إلى الله والدار الآخرة ، ليجازى الناس على أعمالهم.
٦ ـ تقدس الله وتنزه عن الأولاد والشركاء والأنداد ، وعن أن يخلق شيئا عبثا أو سفها ؛ لأنه الحكيم ، والملك الحق الثابت المبين الذي لا يزول ولا يبيد ملكه وقدرته ، ويحق له الملك ؛ لأن كل شيء منه وإليه ، وهو الثابت الذي لا يزول ، وذو العرش العظيم الكريم ، لا إله غيره ، ولا رب سواه ، فما عداه