ومواضع الضرب في الحدود والتعزير : ظهر الإنسان في رأي مالك ؛ لقوله صلىاللهعليهوسلم فيما أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي عن ابن عباس : «البينة وإلا حدّ في ظهرك» وسائر الأعضاء ما عدا الوجه والفرج والرأس في رأي الجمهور.
وكيفية ضرب الرجال والنساء مختلف فيها ، فقال مالك : الرجل والمرأة في الحدود كلها سواء ، لا يجزي عنده إلا في الظهر ، وقال الحنفية والشافعية : يجلد الرجل وهو واقف ، والمرأة وهي قاعدة ، عملا بقول علي رضياللهعنه.
وتجريد المجلود في الزنى مختلف فيه أيضا ، فقال مالك وأبو حنيفة وغيرهما : يجرّد ما عدا ما بين السرة والركبة ؛ لأن الأمر بالجلد يقتضي مباشرة جسمه ، ويترك على المرأة ما يسترها دون ما يقيها الضرب. وقال الأوزاعي : الإمام مخير ، إن شاء جرّد وإن شاء ترك.
وذهب الشافعي وأحمد إلى أنه لا يجرد المحدود في الحدود كلها فيما عدا الفرو والحشو ، فإنه ينزع عنه ، فإنه لو ترك عليه ذلك ، لم يبال بالضرب ، عملا بقول ابن مسعود : «ليس في هذه الأمة مدّ ولا تجريد».
٦ ـ الشفاعة في الحدود : يراد بآية (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) النهي عن تخفيف الحد وإسقاطه ، وهو دليل على تحريم الشفاعة في إسقاط حد الزنى ؛ لأنها تعطيل لإقامة حد الله تعالى ، وكذلك تحرم الشفاعة في سائر الحدود ، لما أخرجه الخمسة أن النبيصلىاللهعليهوسلم قال لأسامة بن زيد حين تشفع في فاطمة بنت الأسود المخزومية التي سرقت قطيفة وحليا : «أتشفع في حد من حدود الله تعالى؟! ثم قام فاختطب فقال : إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد ، وايم الله ، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».