في الجلد دون القطع ، وعند الشافعي في قول : في كل جلد وقطع. ودليلهما ما أخرجه الستة غير السنائي من قوله صلىاللهعليهوسلم في الأمة : «إن زنت فاجلدوها». وما روى مسلم وأبو داود والنسائي عن علي رضياللهعنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم ، من أحصن ومن لم يحصن». وما روي عن ابن عمر رضياللهعنهما أنه أقام حدا على بعض إمائه.
وقال الحنفية : لا يملك السيد أن يقيم حدا ما ، للآية : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا ...) والخطاب بلا شك للأئمة دون سائر الناس ، ولم يفرق في المحدودين بين الأحرار والعبيد. وأما الأحاديث فيراد بها رفع الموالي أمر عبيدهم إلى الحكام ليقيموا الحد عليهم ، وفعل ابن عمر رأي له لا يعارض الآية. والجلاد يكون من خيار الناس وفضلائهم ، حسبما يختار الإمام.
٤ ـ أداة الجلد : أجمع العلماء على أن الجلد يجب بالسوط الذي لا ثمرة له ، وهو الوسط بين السوطين ، لا شديد ولا ليّن ، كما فعل النبي صلىاللهعليهوسلم. وقال مالك والشافعي : الضرب في الحدود كلها سواء ، ضرب غير مبرّح (غير شديد). ضرب بين ضربين ؛ لأنه لم يرد شيء في تخفيف الضرب ولا تثقيله.
وقال الحنفية : التعزير أشد الضرب ، وضرب الزنى أشد من الضرب في الخمر ، وضرب الشارب أشد من ضرب القذف ، احتجاجا بفعل عمر الذي خفف في ضرب الشارب.
٥ ـ صفة الجلد وطريقة الضرب ومكانه عند الجمهور : أن يكون مؤلما لا يجرح ولا يقطع (يبضع) ولا يخرج الضارب يده من تحت إبطه ، عملا بقول عمر الذي أتى بسوط بين سوطين وقال للضارب : اضرب ولا يرى إبطك ، وأعط كل عضو حقه ، ولأن قوله تعالى : (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) معناه النهي عن التخفيف في الجلد.