ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ (١٦))
الإعراب :
(ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً) النطفة وعلقة : مفعولا (خَلَقْنَا) المتعدي هنا إلى مفعولين ؛ لأنه بمعنى : صيرنا ، ولو كان بمعنى : أحدث لتعدى إلى مفعول واحد.
(فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) أحسن إما بدل من (اللهُ) ولا يجوز أن يكون وصفا ؛ لأن إضافته إلى ما بعده في نية الانفصال لا الاتصال ؛ لأنه في تقدير : أحسن من الخالقين ، كما تقول : زيد أفضل القوم ، أي منهم ، فلا يستفيد المضاف من المضاف إليه تعريفا ، فوجب أن يكون بدلا ، لا وصفا. وإما خبر مبتدأ محذوف ، أي هو أحسن الخالقين ، وقوّى هذا التقدير أنه موضع مدح وثناء.
البلاغة :
(ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ) نزلوا منزلة المنكرين ، فهم لا ينكرون الموت ، ولكن غفلتهم عنه ، وفقدهم العمل الصالح من علامات الإنكار ، وأكد الخبر بمؤكدين (إن واللام).
(طِينٍ مَكِينٍ الْخالِقِينَ) سجع سائغ مقبول لا تكلف فيه.
المفردات اللغوية :
(الْإِنْسانَ) أصل الإنسان وهو آدم أو الجنس فإنهم خلقوا من سلالات جعلت نطفا (مِنْ سُلالَةٍ) خلاصة سلت من بين التراب ، من سللت الشيء من الشيء ، أي استخرجته منه (مِنْ طِينٍ) من : بيانية ، أو متعلق بمحذوف لأنه صفة لسلالة (ثُمَّ جَعَلْناهُ) أي جعلنا نسله ـ نسل آدم ، فحذف المضاف (نُطْفَةً) منيا ، أي بأن خلقناه منها أو ثم جعلنا السلالة نطفة (فِي قَرارٍ مَكِينٍ) مستقر حصين أو متمكن ، يعني الرحم. (عَلَقَةً) هي الدم الجامد (مُضْغَةً) أي صيرناها مضغة وهي قطعة لحم ، قدر ما يمضغ. وخلقنا في المواضع الثلاثة بمعنى : صيرنا (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) بنفخ الروح فيه (فَتَبارَكَ اللهُ) تعالى شأنه في قدرته وحكمته وتقدس (أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) المقدرين تقديرا ، فحذف مميز (أَحْسَنُ) وهو خلقا ، لدلالة (الْخالِقِينَ) عليه.
(لَمَيِّتُونَ) لصائرون إلى الموت لا محالة (تُبْعَثُونَ) للحساب والجزاء.