عظم الجريمة. (وَأَنَّ اللهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) بكم ، وجواب لو لا محذوف تقديره : لعاجلكم بالعقوبة. (خُطُواتِ الشَّيْطانِ) أي طرق تزيينه ونزغاته ووساوسه ، بإشاعة الفاحشة. (فَإِنَّهُ) أي المتّبع. (يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) أي القبيح المفرط في القبح. (وَالْمُنْكَرِ) ما تنكره النفوس وتنفر منه وينكره الشرع. وهو بيان لعلة النهي عن اتباعه.
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) بالتوفيق إلى التوبة الماحية للذنوب وشرع الحدود المكفرة لها. (ما زَكى) ما طهر من دنس الذنوب. (مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ) أيها العصبة بما قلتم من الإفك. (أَبَداً) آخر الدهر ، أي ما طهر من هذا الذنب بالتوبة أحدا مطلقا. (يُزَكِّي) يطهر من الذنب. (مَنْ يَشاءُ) بقبول توبته منه. (وَاللهُ سَمِيعٌ) لمقالتهم. (عَلِيمٌ) بنياتهم.
(وَلا يَأْتَلِ) لا يحلف ، من الألية وهي الحلف. (أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ) في الدين. (وَالسَّعَةِ) في المال أي أصحاب الغنى والثراء ، وفيه دليل على فضل أبي بكر رضياللهعنه وشرفه. (أَنْ يُؤْتُوا) على ألا يؤتوا. (وَلْيَعْفُوا) لما فرط منهم أي يمحوا الذنوب. (وَلْيَصْفَحُوا) بالإغضاء عنه. (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) على عفوكم وصفحكم وإحسانكم إلى من أساء إليكم. (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) مع كمال قدرته ، فتخلقوا بأخلاقه.
سبب النزول أو قصة الإفك في السنة النبوية الصحيحة :
روى الأئمة منهم أحمد ، والبخاري تعليقا ، ومسلم عن أم المؤمنين عائشة رضياللهعنها قالت(١):
كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا أراد أن يخرج لسفر ، أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها ، خرج بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم معه ، فأقرع بيننا في غزوة غزاها (٢) ، فخرج فيها سهمي (نصيبي) وخرجت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وذلك بعد ما نزل الحجاب ، فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه ، فسرنا ، حتى إذا فرغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم من غزوته تلك ، وقفل ، ودنونا من المدينة آذن ليلة بالرحيل ، فقمت حين آذن بالرحيل ، فمشيت حتى جاوزت الجيش ، فلما قضيت شأني ،
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٣ / ٢٦٨ وما بعدها.
(٢) هي غزوة بني المصطلق ، وهي غزوة المريسيع.