وهذا يدل على أمور ثلاثة : هي أن القذف من الكبائر ، لقوله تعالى : (وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ) وأن عظم المعصية لا يختلف بظن فاعلها ، وإنما بالواقع ، فربما كان جاهلا لعظمها ، لقوله تعالى : (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً) وأن الواجب على المكلف في كل محرم أن يستعظم الإقدام عليه ، فربما كان من الكبائر.
٥ ـ (وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا ، سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ) هذا من الآداب ، فهو تأديب آخر بعد الأمر الأول بظن الخير ، والمعنى : هلا حين سمعتم ما لا يليق من خبيث الكلام قلتم : ما ينبغي لنا وما يصح ، ولا يحل لنا أن نتفوه بهذا الكلام ، ونخوض في عرض النبي صلىاللهعليهوسلم ، ولا نذكره لأحد ؛ إذ لا دليل عليه ، سبحان الله أن يقال هذا الكلام على زوجة رسوله صلىاللهعليهوسلم ، أي إنا نعجب من عظم الأمر ، وننزه الله تعالى عن أن تكون زوجة نبيه صلىاللهعليهوسلم فاجرة ، فهذا بهتان عظيم واختلاق أثيم ، وإيذاء للنبي صلىاللهعليهوسلم ، والله يقول : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ، لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) [الأحزاب ٣٣ / ٥٧].
وإذا جاز أن تكون امرأة نبي كافرة ، كامرأة نوح ولوط ؛ لأن الكفر لم يكن مما ينفر عندهم ، فلا يجوز أن تكون امرأة أي نبي فاجرة ؛ لأن ذلك من أعظم المنفّرات.
والخلاصة : أن العقل والدين يمنعان الخوض في مثل هذا ، لما فيه من إيذاء النبيصلىاللهعليهوسلم ، كما يمنعان ألا يعاقب هؤلاء القاذفين الأفاكين على عظيم ما اقترفوه وخاضوا فيه من الافتراء ، وهو مدعاة للتعجب منه.
٦ ـ (يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) هذا من الزواجر يحذر الله تعالى فيه المؤمنين من العود لمثله ، أي ينهاكم الله متوعدا أن يقع منكم ما يشبه هذا أبدا ، أي في المستقبل ما دمتم أحياء مكلفين ، ويعظكم بهذه المواعظ