بإخوانهم ، فالواجب على المسلمين إذا سمعوا رجلا يقذف أحدا أو يذكره بقبيح لا يعرفونه به أن ينكروا عليه ويكذبوه. ولأجل هذا قال العلماء : إن الآية أصل في أن درجة الإيمان التي حازها الإنسان ، ومنزلة الصلاح التي حلّها المؤمن ، وحلّة العفاف التي يستتر بها المسلم لا يزيلها عنه خبر محتمل وإن شاع ، إذا كان أصله فاسدا أو مجهولا.
٦ ـ إن إثبات تهمة الزنى إما بالإقرار أو بأربعة شهود ، فقوله تعالى : (لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) توبيخ لأهل الإفك على تقصيرهم في الإثبات ، أي هلا جاؤوا بأربعة شهداء على ما زعموا من الافتراء. وهذا إحالة على المذكور في آية القذف السابقة. وإذ لم يأتوا بالشهداء فهم في حكم الله كاذبون.
٧ ـ إن أحكام الدنيا في الإثبات ونحوه تجري على الظاهر ، والسرائر إلى الله عزوجل ، أخرج البخاري عن عمر بن الخطاب رضياللهعنه أنه قال : أيها الناس ، إن الوحي قد انقطع ، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم ، فمن أظهر لنا خيرا أمّناه وقرّبناه ، وليس لنا من سريرته شيء ، الله يحاسبه في سريرته ، ومن أظهر لنا سوءا لم نؤمنه ولم نصدّقه ، وإن قال : إن سريرته حسنة.
٨ ـ تكرّر الامتنان من الله تعالى على عباده في قصة القذف مرتين في قوله : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) أي لو لا فضله ورحمته لمسّكم بسبب ما قلتم في عائشة عذاب عظيم في الدنيا والآخرة ، ولكنه برحمته ستر عليكم في الدنيا ، ويرحم في الآخرة من أتاه تائبا.
٩ ـ وصف الله الخائضين في قصة الإفك بارتكاب آثام ثلاثة : تلقي الإفك بألسنتهم وإشاعته بينهم ، والتكلم بما لا علم لهم به ، واستصغارهم ذلك وهو عظيم الوزر ، ومن العظائم والكبائر. وهذا يدل أن القذف من الكبائر ، وأن عظم