٢ ـ (ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ) أي ثم جعلنا نسله أو جنس الإنسان نطفة من مني في أصلاب الذكور ، ثم قذفت إلى أرحام الإناث ، فصار في حرز مستقر متمكن حصين ، ابتداء من الحمل إلى الولادة. وذلك كقوله تعالى : (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ ، ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) [السجدة ٣٢ / ٧ ـ ٨] أي من ماء ضعيف ، كما قال تعالى : (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ، فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ ، إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ ، فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ) [المرسلات ٧٧ / ٢٠ ـ ٢٤].
٣ ـ (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً) أي ثم حولنا النطفة عن صفاتها إلى صفة العلقة : وهي الدم الجامد. أو صيرنا النطفة وهي الماء الدافق الذي يخرج من صلب الرجل (وهو ظهره) وترائب المرأة (وهي عظام صدرها ما بين الترقوة إلى السّرّة) صيرناها علقة حمراء على شكل العلقة مستطيلة.
٤ ـ (فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً) أي ثم صيرنا الدم الجامد مضغة أي قطعة لحم ، بمقدار ما يمضغ ، وهي قطعة كبضعة لحم ، لا شكل فيها ولا تخطيط. وسمي التحويل خلقا ؛ لأنه سبحانه يفني بعض الصفات ، ويخلق صفات أخرى ، وكأنه تعالى يخلق فيها أجزاء زائدة.
٥ ـ (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً) أي صيرناها عظاما يعني شكلناها ذات رأس ويدين ورجلين بعظامها وعصبها وعروقها.
٦ ـ (فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً) أي غطينا العظام بما يستره ويشده ويقويه وهو اللحم ؛ لأن اللحم يستر العظم ، فجعل كالكسوة لها.
٧ ـ (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) أي خلقا مباينا للخلق الأول ، بأن نفخنا فيه الروح ، فتحرك ، وصار خلقا آخر ذا سمع وبصر وإدراك وحركة واضطراب.