في الكشاف ، وكفاك فرقا أن أبيح النظر إلا ما استثني منه ، وحظر الجماع إلا ما استثني منه ، أي فالأصل في الفروج الحظر ، وفي النظر الإباحة. وتقديم الغض على حفظ الفرج لأن النظر بريد الزنى.
(أَزْكى) خير وأطهر. (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ) بالأبصار والفروج ، فيجازيهم عليه. (يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَ) فلا ينظرن إلى ما لا يحل لهن النظر إليه من الرجال. (وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَ) بالتستر أو التحفظ عن الزنى ، أي بحفظ فروجهن عما لا يحل لهن فعله بها. (يُبْدِينَ) يظهرن. (زِينَتَهُنَ) كالحلي والثياب والأصباغ ، أو لا يظهرن مواضع الزينة لمن لا يحل أن تبدي له. (إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) عند مزاولة الأشياء كالثياب والخاتم ، فإن في سترها حرجا. وقيل : المراد هو الوجه والكفان ، فيجوز نظره لأجنبي إن لم يخف فتنة في أحد وجهين ؛ لأنها ليست بعورة ، والوجه الثاني يحرم ؛ لأنه مظنة الفتنة. قال البيضاوي : والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر ، فإن كل بدن الحرة عورة ، لا يحل لغير الزوج والمحرم القريب النظر إلى شيء منها إلا لضرورة كالمعالجة والتعليم والمعاملة وتحمل الشهادة.
(وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَ) أي يسترن الرؤوس والأعناق والصدور بالخمار : وهو ما تغطي به المرأة رأسها ، والجيوب : جمع جيب : وهو فتحة في أعلى الجلباب (أو الثوب) يبدو منها بعض الصدر. (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَ) أي الخفية ، أو مواضع الزينة ، وهي ما عدا الوجه والكفين ، وكرر ذلك لبيان من يحل له الإبداء ومن لا يحل له. (إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَ) أزواجهن ، جمع بعل : أي زوج ، فإنهم هم المقصودون بالزينة ، ولهم أن ينظروا إلى جميع بدن الزوجة ، حتى الفرج مع الكراهة. (أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ ..) إلى قوله : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) رفعا للحرج بسبب كثرة المعاشرة والمخالطة والمداخلة ، وقلة توقع الفتنة من قبلهم ، لما في الطباع من النفرة عن مماسة الأقارب ، فيجوز لهم نظره إلا ما بين السرة والركبة ، فيحرم نظره لغير الأزواج. وخرج بقوله : (نِسائِهِنَ) الكافرات ، فلا يجوز في رأي الجمهور للمسلمات الكشف أمامهن ؛ لأنهن لا يتحرجن عن وصفهن للرجال. وأجاز الحنابلة ذلك ؛ لأن المراد جنس النساء أو كلهن. وما ملكت أيمانهن : هم العبيد والجواري (الإماء).
(أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ الْإِرْبَةِ) الحاجة إلى النساء ، أي غير أولي الحاجة إلى النساء ، وهم الشيوخ الهرمى الذين لا يحدث لهم انتشار ذكر ، وقيل : البله الذين يتبعون الناس لفضل طعامهم ، ولا يعرفون شيئا من أمور النساء ، وفي المجبوب والخصي خلاف. (أَوِ الطِّفْلِ) الأطفال ، لعدم تمييزهم. (لَمْ يَظْهَرُوا) لم يطلعوا على عورات النساء للجماع ، ولم يعرفوا ذلك ؛ لعدم بلوغهم حد الشهوة أو لصغرهم ، فيجوز الإبداء لهم ما عدا ما بين السرة والركبة. و (الطِّفْلِ) جنس وضع موضع الجمع ، اكتفاء بدلالة الوصف ، أو أنه يطلق على الواحد والجمع.