أمرنا بالحجاب ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : احتجبا منه ، فقلت : يا رسول الله ، أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أو عمياوان أنتما ، ألستما تبصرانه؟». وفي الموطأ عن عائشة أنها احتجبت عن أعمى ، فقيل لها : إنه لا ينظر إليك ، قالت : لكنني أنظر إليه.
وأجاز جماعة آخرون من العلماء نظر النساء إلى الرجال الأجانب بغير شهوة فيما عدا ما بين السرة والركبة ، بدليل ما ثبت في صحيحي البخاري ومسلم أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم جعل ينظر إلى الحبشة ، وهم يلعبون بحرابهم يوم العيد في المسجد ، وعائشة أم المؤمنينتنظر إليهم من ورائه ، وهو يسترها منهم حتى ملت ورجعت. وهذا الرأي أيسر في عصرنا.
وأصحاب الرأي الثاني وهو جواز النظر بغير شهوة يحملون الأمر بالاحتجاب من ابن أم مكتوم على الندب ، وكذلك احتجاب عائشة رضياللهعنها من الأعمى كان ورعا منها ، ويؤيد ذلك استمرار العمل على خروج النساء إلى الأسواق وإلى المساجد وفي الأسفار متنقبات ، حتى لا يراهن أحد من الرجال ، ولم يؤمر الرجال بالانتقاب حتى لا يراهم النساء ، فكان ذلك دليلا على المغايرة في الحكم بين الرجال والنساء.
ثم ذكر الله تعالى الأحكام الخاصة بالنساء وهي ما يلي :
١ ـ (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) أي لا يظهرن شيئا من الزينة للأجانب حين التحلي بها وهي كل ما يتزين به ويتجمل من أنواع الحلي والخضاب وغيرها ، فيكون إبداء مواقع الزينة منهيا عنه بالأولى ، أو لا يظهرن مواضع الزينة بإطلاق الزينة وإرادة مواقعها ، بدليل قوله : (إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) والثاني هو الأولى ؛ لأن الزينة نفسها ليست مقصودة بالنهي ، وعلى كل حال هناك تلازم بين الزينة وموضعها ، والغاية هي النهي عن أجزاء الجسد التي تكون