والأمر حينئذ للوجوب. ويؤيده الحديث المتقدم عن أبي هريرة : «ثلاثة حق على الله عونهم : المكاتب الذي يريد الأداء ، والناكح يريد العفاف ، والمجاهد في سبيل الله». قال ابن كثير : والقول الأول أشهر ، أي جعل الخطاب للسادة ، لا لجماعة المسلمين ؛ لأن الخطاب في الزكاة فرض متعين ، والآية هنا تضيف على الزكاة مطلبا آخر على السادة.
الحكم العاشر ـ الإكراه على البغاء :
نهى الله تعالى المؤمنين عن جمع المال من طرق حرام فقال : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي لا تجبروا إماءكم على الزنى ، سواء أردن التعفف عنه أو لا ، طلبا لعروض الدنيا المادية من مال وولد وغيرهما. وقوله تعالى : (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) شرط لحدوث الإكراه وقيد لبيان الواقع الذي بسببه نزلت الآية ، بدليل ما أخرجه ابن مردويه عن علي كرم الله وجهه أنهم كانوا في الجاهلية يكرهون إماءهم على الزنى ليأخذوا أجورهن ، فنهوا عن ذلك في الإسلام ونزلت الآية ، وكذلك بينا في سبب النزول أن عبد الله بن أبي كان له جوار يكرههن على الزنى كسبا للمال.
فالتقييد بقيدي إرادة التحصن وابتغاء عرض الحياة الدنيا لا مفهوم له ، ويحرم الإكراه مطلقا سواء وجد هذان القيدان أم لا ، وإنما جاء ذلك بقصد النص على عادة أهل الجاهلية إذا كان لأحدهم أمة ، أرسلها تزني ، وجعل عليها ضريبة يأخذها منها كل وقت ، فنص على ذلك للتشنيع ، ثم إن قيد إرادة التحصن شرط في تصور الإكراه وتحققه وليس شرطا للنهي ، لكن في الحقيقة ذكر الإكراه مغن عن هذا القيد ، فيتصور بإكراه غير التي تريد الزنى ، ثم حدث الإجماع على تحريم الإكراه على الزنى عند عدم إرادتهن التحصن أو إرادة التحصن والتعفف.
والتعبير بإن في قوله تعالى : (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) بدل «إذا» للإشعار