وهو سبحانه ليس من الأضواء المدركة ، جلّ وتعالى عما يقول الظالمون علوّا كبيرا (١)
وهو تعالى خالق النور الحسي في السموات والأرض ، ومدبّرهما على أحسن نظام وأتمه وأدقه ، ونوّر السماء بالملائكة وبالكواكب ، والأرض بالأنبياء وبالشرائع وبالفطرة السليمة والعقل النيّر المرشد إلى الخير ، فلو تفكر إنسان بعقل حرّ بريء متجرد من التأثر باتجاه معين أو عقيدة سابقة ، لآمن بالله تعالى ربا وإلها واحدا إيمانا كاملا. يتزايد وينمو ويتبلور بهداية القرآن وآياته البينات ، والله أعلم.
المؤمنون المهتدون بنور الله تعالى
(فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (٣٦) رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ (٣٧) لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٣٨))
الإعراب :
(فِي بُيُوتٍ) إما صفة (كَمِشْكاةٍ) في قوله تعالى : (كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) وتقديره : كمشكاة كائنة في بيوت ، أو متعلق بقوله تعالى : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها). (يُسَبِّحُ) فعل مضارع ، وفاعله (رِجالٌ) ومن قرأ بضم الياء وفتح الباء (يُسَبِّحُ) كان (رِجالٌ) مرفوعا بفعل مقدر دلّ عليه (يُسَبِّحُ) كأنه قيل : من يسبحه؟ فقال : رجال ، أي يسبحه رجال. و (عَنْ ذِكْرِ اللهِ) مصدر مضاف إلى المفعول ، أي عن ذكرهم الله. (وَإِقامِ الصَّلاةِ) : الأصل أن تقول :
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٢ / ٢٥٦ ـ ٢٦٤