كما قال تعالى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) [الأحزاب ٣٣ / ٢٣]. والمراد بقوله : (عَنْ ذِكْرِ اللهِ) غير الصلاة ، منعا من التكرار. وخص التجارة بالذكر ؛ لأنها أعظم ما يشتغل به الإنسان عن الصلاة.
وشبيه الآية قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) [المنافقون ٦٣ / ٩].
ويستدل بكلمة (رِجالٌ) على أن صلاة الجماعة مطلوبة من الرجال ، أما النساء فصلاتهن في بيوتهن أفضل لهن ؛ لما رواه أبو داود عن عبد الله بن مسعود رضياللهعنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها ، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها». وروى الإمام أحمد عن أم سلمة رضياللهعنها عن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قال : «خير مساجد النساء قعر بيوتهن».
وتخصيص المساجد بالذكر ؛ لأنها مصدر إشعاع عقدي وفكري وتنظيمي وسلوكي وعلمي وسياسي في حياة المسلمين.
وسبب انصراف الرجال إلى العبادة الخوف من عذاب الله كما قال : (يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ) أي إن الرجال الذين يؤدون الصلاة جماعة في المساجد يخافون عقاب يوم القيامة الذي تضطرب فيه القلوب والأبصار من شدة الفزع والهول ، كقوله تعالى : (إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) [إبراهيم ١٤ / ٤٢] وقوله عزوجل : (إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً) [الدهر ٧٦ / ١٠].
وعاقبة أمرهم ما قال الله تعالى :
(لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) أي يذكرون الله ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ليثيبهم الله ثوابا يكافئ حسن عملهم ، فهم الذين