وتصان المساجد أيضا عن البيع والشراء وجميع الأشغال الدنيوية ؛ لما أخرجه مسلم عن بريدة من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم للرجل الذي نادى على الجمل الأحمر : «لا وجدت ، إنما بنيت المساجد لما بنيت له». وهذا يدل على أن الأصل ألا يعمل في المسجد غير الصلوات والأذكار وقراءة القرآن. وروى الترمذي عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه نهى عن تناشد الأشعار في المسجد ، وعن البيع والشراء فيه ، وأن يتحلّق الناس يوم الجمعة قبل الصلاة. ولكن روي في حديث آخر أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم رخص في إنشاد الشعر في المسجد.
ويكره رفع الصوت في المسجد في العلم وغيره في رأي مالك وجماعة ، لحديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه : «من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد ، فليقل : لا ردّها الله عليك ، فإن المساجد لم تبن لهذا». وأجاز أبو حنيفة وأصحابه رفع الصوت في الخصومة (التقاضي) والعلم ؛ لأنه لا بد لهم من ذلك.
ويجوز عند المالكية النوم في المسجد لمن احتاج إلى ذلك من رجل أو امرأة من الغرباء ، ومن لا بيت له ، فقد أنزل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في صفّة المسجد رهطا من عكل. وفي الصحيحين عن ابن عمر أنه كان ينام وهو شاب أعزب ، لا أهل له ، في مسجد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. ويكره عند الشافعية النوم في المساجد.
ويسن الدعاء عند دخول المسجد ؛ روى مسلم عن أبي أسيد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا دخل أحدكم المسجد فليقل : اللهم افتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج فليقل : اللهم إني أسألك من فضلك». وبعد الدخول يسن صلاة ركعتين تحية المسجد ؛ لما روى مسلم أيضا عن أبي قتادة أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس».
٣ ـ وصف الله تعالى المسبّحين في المساجد بأنهم المراقبون أمر الله ، الطالبون