المناسبة :
جريا على عادة الله تعالى في إتباع ذكر المحق المبطل ، والتنبيه على ما ينبغي بعد إنكاره ما لا ينبغي ، فبعد حكاية قول المنافقين وفعلهم وبقائهم على النفاق ونفي الإيمان الحق ، ذكر الله تعالى ما هو شأن أهل الإيمان في الطاعة والامتثال ، وصفات المؤمن الكامل وما يجب أن يسلكه المؤمنون.
التفسير والبيان :
هذه صفة المؤمنين المستجيبين لله ولرسوله ، الممتثلين لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلىاللهعليهوسلم ، فقال تعالى :
(إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا : سَمِعْنا وَأَطَعْنا ، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي إن شأن المؤمنين الصادقي الإيمان وعادتهم أنهم إذا طلبهم أحد إلى حكم الله ورسوله في خصوماتهم أن يقولوا : سمعا وطاعة ، لذا وصفهم تعالى بالفلاح ، فأولئك هم الفائزون بنيل المطلوب ، والسلامة من المرهوب ، والنجاة من المخوف.
والسمع والطاعة هو محور الميثاق الأول مع المسلمين الأوائل ، ففي بيعة العقبة الأولى بايع رسول الله صلىاللهعليهوسلم اثني عشر رجلا من الأنصار على السمع والطاعة في المعروف ، كما روى عبادة بن الصامت. وأخرج أبو داود والترمذي عن أبي نجيح العرباض بن سارية أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم وعظ الصحابة فقال : «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة ..» وأوصى عبادة بن الصامت ابن أخيه جنادة بن أبي أمية لما حضره الموت فقال ألا أنبئك بما ذا عليك وبما ذا لك؟ قال : بلى ، قال : فإن عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك ، وعليك أن تقيم لسانك بالعدل ، وألا تنازع الأمر أهله إلا أن يأمروك بمعصية الله بواحا ، فما أمرت به من شيء يخالف كتاب الله ، فاتبع كتاب الله.