الإهلاك ، بأن يفوتوا منها ، أي لا تحسبن يا محمد الكفار معجزين الله عن إدراكهم وإهلاكهم في الأرض (وَمَأْواهُمُ النَّارُ) ومرجعهم النار ، وذلك معطوف من حيث المعنى على قوله : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ) كأنه قيل : الذين كفروا لا يفوتون الله ومأواهم النار ، والمراد بهم : المقسمون جهد أيمانهم. (وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ) المرجع هي ، أو المأوى الذي يصيرون إليه.
سبب النزول :
أخرج الحاكم وصححه ، والطبراني عن أبي بن كعب قال : لما قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه المدينة ، وآوتهم الأنصار ، رمتهم العرب عن قوس واحدة ، وكانوا لا يبيتون إلا بالسلاح ، ولا يصبحون إلا فيه ، فقالوا : ترون أنا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين ، لا نخاف إلا الله ، فنزلت : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن البراء بن عازب قال : فينا نزلت هذه الآية ، ونحن في خوف شديد.
المناسبة :
بعد الكلام عن الطاعة وثمرتها : وهي أن من أطاع الرسول صلىاللهعليهوسلم فقد اهتدى إلى الحق وفاز بالجنة ، وعد الله سبحانه بتمكين المؤمنين الطائعين في خلافة الأرض ، وتأييدهم بالنصر والإعزاز ، وإظهار دينهم على الدين كله ، وتبديلهم من بعد خوفهم من العدو أمنا ، فيعبدون الله آمنين لا يشركون به شيئا ولا يخافون. ثم أمرهم بالصلاة والزكاة شكرا لتلك النعم ، وطمأنهم بتحقق الوعد السابق بإهلاك الكافرين وزجّهم في نار جهنم.
التفسير والبيان :
(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ، كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي وعد الله الذين تحقق فيهم وصفان معا هما الإيمان