و ـ أن معرفة الله تعالى يجب أن تكون استدلالية لا تقليدية ، وإلا لكان ذكر هذه الدلائل عبثا (١).
٢ ـ دلت الآية الثانية في إنزال المطر على نعمة عظمي تستحق التقدير هي الماء الذي هو حياة الأبدان ونماء الحيوان ، فالماء في نفسه نعمة ، وهو أيضا سبب لحصول النعم من إنبات النبات ، وسقي الإنسان والحيوان.
والمراد بماء السماء المنزل المختزن وغير المختزن : هو الماء العذب غير الأجاج المالح.
وإنزال الماء بقدر ، أي على قدر مصلح موافق للحكمة والحاجة ؛ لأنه لو كثر أهلك ، كقوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ ، وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) [الحجر ١٥ / ٢١].
وقوله : (وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ) أي الماء المختزن في الأرض : تهديد ووعيد ، أي في قدرة الله إذهابه وتغويره ، ويهلك الناس بالعطش وتهلك مواشيهم ، كقوله تعالى : (قُلْ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً ، فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) [الملك ٦٧ / ٣٠] وغورا : أي غائرا.
وكل ما نزل من ماء السماء مختزنا أو غير مختزن هو طاهر مطهر ، يغتسل به ويتوضأ منه.
٣ ـ من آثار الماء جعله سبب النبات ، فهو ينبت أشرف الثمار ، وهي الرطب والأعناب ، وينبت غير ذلك من الفواكه ، ولا فرق في الفاكهة بين الطري واليابس.
وبالماء تنبت الأشجار ، ومن أبرك الأشجار ما ذكر في الآية وهو شجرة
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢٣ / ٨٨