وقالوا : الطعام أفضل الأموال ، وقد نهى الله تعالى عن أكل المال بالباطل ، والأعمى لا يبصر موضع الطعام الطيب ، والمريض لا يستوفي الطعام ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال سعيد بن جبير والضحاك : كان العرجان والعميان يتنزهون عن مؤاكلة الأصحاء ؛ لأن الناس يتقذرونهم ، ويكرهون مؤاكلتهم ، وكان أهل المدينة لا يخالطهم في طعامهم أعمى ولا أعرج ولا مريض تقذرا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وأيا ما كان سبب نزول الآية فإنها تبيح الأكل من هذه البيوت ، بشرط أن يعلم الآكل رضا صاحب المال بإذن صريح أو قرينة ، وخصصت هذه البيوت بالذكر لتبسط الناس فيما بينهم عادة في الأكل من بيوت أقاربهم ووكلائهم وأصدقائهم.
سبب نزول آية : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً) :
قال قتادة والضحاك : نزلت في حيّ من كنانة يقال لهم : بنو ليث بن عمرو ، وكانوا يتحرجون أن يأكل الرجل الطعام وحده ، فربما قعد الرجل ، والطعام بين يديه من الصباح إلى الرواح ، تحرّجا من أن يأكل وحده ، فإذا أمسى ولم يجد أحدا أكل ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال عكرمة : نزلت في قوم من الأنصار كانوا لا يأكلون إذا نزل بهم ضيف إلا مع ضيفهم ، فرخص لهم أن يأكلوا كيف شاؤوا جميعا متحلقين أو أشتاتا متفرقين.
والكلام متصل بما قبله ، فحين نفى الحرج عنهم في الأكل نفسه ، أراد أن ينفي الحرج عنهم في كيفية الأكل ، فلا جناح في الأكل من هذه البيوت ، سواء