يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ) أي إن الذين يستأذنون الرسول صلىاللهعليهوسلم في الانصراف ، ويشاورونه في الخروج ، هم من المؤمنين الكاملين المصدقين الله ورسوله ، الذين يعملون بموجب الإيمان ومقتضاه.
وبعد الاستئذان تعظيما للنبي ورعاية للأدب ، تكون حرية الإذن له ، فقال تعالى :
(فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ ، فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ) أي إذا استأذنك أحد منهم في بعض ما يطرأ له من مهمة ، فأذن لمن تشاء منهم على وفق الحكمة والمصلحة ، فقد استأذن عمر بن الخطاب رضياللهعنه في غزوة تبوك في الرجوع إلى أهله ، فأذن له ، وقال له : «انطلق فو الله ما أنت بمنافق» يريد أن يسمع المنافقين ذلك الكلام ، فلما سمعوا ذلك قالوا : ما بال محمد إذا استأذنه أصحابه أذن لهم ، وإذا استأذناه لم يأذن لنا ، فو الله ما نراه يعدل.
وقال ابن عباس رضياللهعنهما : إن عمر استأذن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في العمرة ، فأذن له ، ثم قال : يا أبا حفص ، لا تنسنا من صالح دعائك.
والآية تدل على أنه سبحانه فوض إلى رسوله صلىاللهعليهوسلم بعض أمر الدين ، ليجتهد فيه برأيه.
(وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ ، إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي واطلب من الله أن يغفر لهم ما قد يصدر عنهم من زلات أو هفوات ، إن الله غفور لذنوب عباده التائبين ، رحيم بهم فلا يعاقبهم بعد التوبة.
وهذا مشعر بأن الاستئذان ، وإن كان لعذر مقبول ، فيه ترك للأولى ، لما فيه من تقديم مصالح الدنيا على مصالح الآخرة ، فالاستئذان مهما كانت أسبابه مما يقتضي الاستغفار ، لترك الأهم.