المتقدمين موسى وأخاه هارون إلى فرعون وأشراف قومه وأتباعهم من الأقباط بالآيات والحجج الدامغة والبراهين القاطعة ، ولكن هؤلاء القوم استكبروا عن اتباعهما والانقياد لأمرهما ؛ لكونهما بشرين ، كما أنكرت الأمم الماضية بعثة الرسل من البشر ، وكانوا قوما متكبرين ، كما قال تعالى: (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى ، فَقُلْ : هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى ، وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى) [النازعات ٧٩ / ١٧ ـ ١٩] وقال سبحانه : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ) [القصص ٢٨ / ٤].
والآيات كما قال ابن عباس رضياللهعنهما هي الآيات التسع وهي العصا ، واليد ، والجراد ، والقمّل ، والضفادع ، والدم ، وانفلاق البحر ، والسنون ، ونقص الثمرات.
ودلت الآية على أن النبوة كانت مشتركة بين موسى وهارون ، وكذلك كانت المعجزات واحدة ، فمعجزات موسى عليهالسلام هي معجزات هارون عليهالسلام.
وكانت صفة فرعون وقومه أمرين : أحدهما ـ الاستكبار والأنفة ، والثاني ـ أنهم كانوا قوما عالين ، أي رفيعي الحال في أمور الدنيا أو في الكثرة والقوة ، أي على جانب من الحضارة والعلم ، والعز والسلطان ، بدليل الواقع التاريخي.
وكانت شبهتهم هي قولهم : (أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا ، وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ)؟ أي قال فرعون وملؤه (أشراف قومه) : كيف ننقاد لأمر موسى وأخيه هارون ، وقومهما بنو إسرائيل خدمنا وعبيدنا المنقادون لأوامرنا؟!
أي أن الرسالة تتنافى مع البشرية ، وأن قوم موسى وهارون أتباع أذلة لفرعون وقومه ، وهكذا شأن الماديين لا يؤمنون بالقوى المعنوية ، ويقيسون عزة النبوة وتبليغ الوحي عن الله على الرياسة أو الزعامة الدنيوية المعتمدة على الجاه والمال.