٣ ـ (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً ، كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) أي إن أتباع الأنبياء فرقوا أمر دينهم وقطعوه ومزقوه ، وجعلوه قطعا ، وصاروا فرقا وأحزابا وجماعات ، كل حزب يفرحون بما هم فيه من الضلال ، ويعجبون بما هم عليه ، معتقدين أنه الحق الصراح ، ويحسبون أنهم مهتدون.
وهذا ذم واضح للتفرق والتشتت ، وتوبيخ ووعيد ، لذا قال الله تعالى متهددا لهم ومتوعدا :
(فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ) أي دعهم واتركهم في جهالتهم وضلالهم إلى حين موتهم أو قتلهم ورؤيتهم مقدمات العذاب وبوادره ، كما قال تعالى : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ ، أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) [الطارق ٨٦ / ١٧] ، وقال سبحانه : (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا ، وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ، فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) [الحجر ١٥ / ٣].
٤ ـ (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ ، نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ ، بَلْ لا يَشْعُرُونَ) أي أيظن هؤلاء المغرورون أن ما نعطيهم من الأموال والأولاد ، لكرامتهم علينا ، ومعزتهم عندنا؟ كلا ، ليس الأمر كما يزعمون في قولهم : (نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) [سبأ ٣٤ / ٣٥].
لقد أخطئوا في ذلك ، وخاب رجاؤهم ، بل إنما نفعل ذلك استدراجا وإنظارا وإملاء لهم ، لهذا قال تعالى : (بَلْ لا يَشْعُرُونَ) أي لا يحسون أنما نفعل ذلك بهم استدراجا وأخذا بأيديهم إلى العذاب إذا لم يتوبوا ، كما قال تعالى : (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ ، إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) [التوبة ٩ / ٥٥] ، وقال سبحانه : (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) [آل عمران ٣ / ١٧٨] ، وقال عزوجل : (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ ، سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ، وَأُمْلِي لَهُمْ ، إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) [القلم ٦٨ / ٤٤ ـ ٤٥].
قال قتادة في قوله تعالى : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ ..) الآية : مكر والله