مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) [الزخرف ٤٣ / ٣١] (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ)؟ [الزخرف ٤٣ / ٣٢] (قُلْ : لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي ، إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) [الإسراء ١٧ / ١٠٠] (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ ، فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) [النساء ٤ / ٥٣].
وضمير (وَمَنْ فِيهِنَ) إشارة إلى من يعقل من ملائكة السموات وإنس الأرض وجنّها. وأما ما لا يعقل فهو تابع لما يعقل.
ثم شنع الله تعالى عليهم لإعراضهم عن معالم الحق والهدى والخير فقال : (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ ، فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ) أي بل جئناهم بالقرآن الذي هو وعظهم أو فيه شرفهم وفخرهم وإعلاء سمعتهم ، كما قال تعالى : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) [الزخرف ٤٣ / ٤٤] ولكنهم معرضون عن هذا الذكر الذي سطر لهم الخلود والمجد.
ثم أوضح إخلاص النبي صلىاللهعليهوسلم في دعوته ، وأنه لا يطمع فيهم ، حتى يكون ذلك سببا للنفرة فقال :
(أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً ، فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ ، وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) أي أتسألهم أجرا على تبليغ الرسالة والدعوة إلى الهداية ورفع الشأن حتى لا يؤمنوا بك ، ويملّوك ويبغضوك؟ والمراد أن هذه التهمة بعيدة عنه ، وأنه صلىاللهعليهوسلم لا يطلب عوضا عن القيام بمهمته ، فلا يجوز أن ينفروا عن قبول قوله. وإن ما عند الله من ثواب خير من ثواب الدنيا ، والله أفضل من أعطى وآجر.
ونظير الآية كثير في القرآن مثل : (قُلْ : ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ، إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) [سبأ ٣٤ / ٤٧] (قُلْ : ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ، وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) [ص ٣٨ / ٨٦] (قُلْ : لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً ، إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) [الشورى ٤٢ / ٢٣].