ثم أخبر الله تعالى عن عاقبة أمرهم فقال :
(حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ ، إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) أي حتى إذا جاءهم أمر الله ، وجاءتهم الساعة بغتة ، فنالهم من العذاب ما لم يكونوا يحتسبون ، أيسوا من كل خير ومن كل راحة ، وانقطعت آمالهم ، وخاب رجاؤهم.
فقه الحياة أو الأحكام :
يفهم من الآيات ما يأتي :
١ ـ إن للكفار أعمالا قبيحة جدا في ميزان شرع الله ودينه ، أسوأها الشرك ، وهم في غفلة وعماية عن القرآن وهديه ، وهم عاملون تلك الأعمال لا محالة ؛ لأنها مثبّتة في علم الله تعالى وفي حكم الله وفي اللوح المحفوظ ، ولكن دون إجبار ولا إكراه ، وإنما باختيار منهم.
٢ ـ يعتاد الكافر إذا أصابه العذاب والبلاء في الدنيا أن يجأر بالشكوى ويضج ويستغيث ، ولكن إذا داهمه العذاب في الآخرة لم ينفعه التضرع والجزع ، ولا يجد ناصرا ينصره من بأس الله تعالى.
ومثال ذلك أن مترفي مكة تعرضوا للقتل يوم بدر ، وللجوع الشديد ، حين قال النبيصلىاللهعليهوسلم : «اللهم اشدد وطأتك على مضر ، اللهم اجعلها عليهم سنين كسنيّ يوسف» فابتلاهم الله بالقحط والجوع ، حتى أكلوا العظام والميتة والكلاب والجيف ، وهلكت الأموال والأولاد ، كما تقدم بيانه.
٣ ـ كانت أسباب تعذيب الكفار والمشركين ثلاثة : هي النفور عن القرآن والإعراض عن سماعه ، والاستكبار بهذا التباعد عن الحق والافتخار بالبيت الحرام وأنهم أولياؤه ، فكانوا يقولون : نحن أهل حرم الله تعالى ، وما هم كذلك ، والسمر