بعد البلى ، كما قال تعالى : (يَقُولُونَ : أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ ، أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً ، قالُوا : تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ ، فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ ، فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) [النازعات ٧٩ / ١٠ ـ ١٤] وقال سبحانه : (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ ، فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ، وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً ، وَنَسِيَ خَلْقَهُ ، قالَ : مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ ، وَهِيَ رَمِيمٌ ، قُلْ : يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ، وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) [يس ٣٦ / ٧٧ ـ ٧٨].
والثاني :
(لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ) أي إن هذا الوعد بالبعث الذي يخبر به محمدصلىاللهعليهوسلم قد وعد به قديما الأنبياء السابقون ، ثم لم يوجد ذلك مع طول العهد ، وكأنهم لغباوتهم يظنون أن الإعادة تكون في دار الدنيا.
(إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أي ما هذا الوعد بالبعث إلا أكاذيب المتقدمين وأباطيلهم وترهاتهم ، قد توارثناها دون وعي ، ودون دليل مثبت لصحتها ، كما يزعمون.
ثم رد الله تعالى عليهم لإثبات البعث ببراهين ثلاثة هي :
١ ـ (قُلْ : لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي قل أيها النبي لمنكري الآخرة : من مالك الأرض الذي خلقها ومن فيها من الحيوانات والنباتات والثمرات وغير ذلك من المخلوقات إن كنتم من أهل العلم أو من العالمين بذلك؟ وقوله : (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) استهانة بهم وتأكيد لجهلهم.
(سَيَقُولُونَ : لِلَّهِ) أي سيعترفون بما دل عليه العقل بداهة بأن ذلك كله لله وحده ملكا وخلقا وتدبيرا ، فإذا كان ذلك :
(قُلْ : أَفَلا تَذَكَّرُونَ) أي قل لهم أفلا تتعظون وتتدبرون أن من خلق