وكما أن العالمين السفلي والعلوي ملك لله تعالى ، فله أيضا تدبير شؤونهما ، كما قال :
٣ ـ (قُلْ : مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) أي بيده الملك والتصريف والتدبير ، كما قال : (ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها) [هود ١١ / ٥٦] أي متصرف فيها.
(وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي وهو السيد الأعظم الذي يغيث من يشاء ويحمي من يشاء ، ولا يغيث ولا يحمي أحد منه أحدا ، فلا يمانع ولا يخالف ، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، إن كنتم من أهل العلم بذلك.
(سَيَقُولُونَ : لِلَّهِ) أي سيعترفون أن المالك المدبر هو الله لا غيره ، فلا معقّب لحكمه ، ولا رادّ لقضائه. وقرئ الله في هذا وما قبله ، ولا فرق في المعنى ؛ لأن قولك : من ربه ، ولمن هو؟ في معنى واحد.
(قُلْ : فَأَنَّى تُسْحَرُونَ)؟ أي قل لهم مستغربا وموبخا : فأنى تخدعون عن توحيده وطاعته ، والخادع : هو الشيطان والهوى ، أو فكيف تتقبل عقولكم عبادتكم مع الله غيره ، مع اعترافكم وعلمكم بذلك وتصريحكم بأنه الخالق المالك المدبر؟.
(بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ ، وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) أي بل جئناهم بالقول الحق ، والدليل الصدق ، والاعلام الثابت بأنه لا إله إلا الله ، وأقمنا الأدلة الصحيحة القاطعة على ذلك ، وإنهم مع ذلك لكاذبون في إنكار الحق ، وفي عبادتهم مع الله غيره ، ولا دليل لهم عليها ، كما قال في آخر السورة : (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ ، فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ ، إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) فهؤلاء المشركون لا يفعلون ذلك عن دليل ، وإنما اتباعا لآبائهم وأسلافهم الحيارى الجهال.