كل من العالم السفلي بالعالم العلوي دون تصادم ولا اضطراب ، كما قال تعالى : (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) [الملك ٦٧ / ٣] (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ). [آل عمران ٣ / ١٩٠].
ولما ثبت كون التعدد في الآلهة مستحيلا ، وبطل قول الكفار في الأمرين معا ، قال تعالى: (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) أي تنزه الله الحق الواحد الأحد عما يقول الظالمون المعتدون في دعواهم الولد أو الشريك.
(عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) أي أنه سبحانه هو المختص بعلم الغيب والشهادة ، أي بعلم ما غاب عن إدراك الخلق من الأشياء ، ويعلم ما يشاهدونه وما يرونه ويبصرونه ، فهو يعلم الأمرين معا على حد سواء ، وهذا دليل آخر على نفي الشريك ؛ لأن غير الله وإن علم الشهادة أي الموجودات المرئيات أمامه ، فلن يعلم معها الغيبيات غير المرئيات ، وهذا دليل النقص ، والله تعالى متصف بالكمال ، فلا يكتمل النفع بعلم الشهادة وحدها ، دون العلم بالغيب.
(فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) أي تقدس وتنزه عما يقول الجاحدون الظالمون الذين يشركون معه إلها آخر.
فقه الحياة أو الأحكام :
هذا دليل عقلي لا يقبل الإنكار والطعن من أحد ، فالله لم يتخذ ولدا كما زعم بعض الكفار ، ولا كان معه إله فيما خلق ، فلو كانت معه آلهة لانفرد كل إله بخلقه ، كما هو مقتضى العادة ، ولغالب بعضهم بعضا ، وطلب القوي الضعيف كالعادة بين الملوك ، وحينئذ لا يستحق الضعيف المغلوب الألوهية.
وهذا كما يدل على نفي الشريك يدل على نفي الولد أيضا ؛ لأن الولد ينازع عادة الأب في الملك منازعة الشريك.