وأقبلوا على من ذكّرهم بها بآذان صاغية واعية ، وعيون مبصرة متفتحة ، وقلوب مستوعبة ، لا كالكفار والمنافقين والعصاة من المؤمنين إذا سمعوا كلام الله لم يتأثروا به ، ولم يغيروا ما هم عليه ، بل يستمرون على كفرهم وعصيانهم ، وجهلهم وطغيانهم ، كأنهم صمّ عمي ، كما قال تعالى : (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً ، فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً ، وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ ، وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ) [التوبة ٩ / ١٢٤ ـ ١٢٥].
٩ ـ الابتهال إلى الله تعالى : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ : رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ، وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) أي والذين يبتهلون إلى ربّهم داعين الله أن يرزقهم زوجات صالحات وأولادا مؤمنين صالحين مهديين للإسلام يعملون الخير ، ويبتعدون عن الشر ، تقرّ بهم أعينهم ، وتسرّ بهم نفوسهم ، فإن المؤمن إذا رأى من يعمل بطاعة الله قرّت عينه ، وسرّ قلبه في الدنيا والآخرة. ويدعونه أيضا أن يجعلهم أئمة يقتدى بهم في الخير واتباع أوامر الدين.
وبذلك أحبوا أن تتصل عبادتهم بعبادة زوجاتهم وذرياتهم ، وأن يكون هداهم متعديا إلى غيرهم بالنفع فهم دعاة خير وبر ، وذلك أكثر ثوابا ، وأحسن مآبا. روى مسلم في صحيحة عن أبي هريرة رضياللهعنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له».
قال بعضهم : في الآية ما يدل على أن الرياسة في الدين يجب أن تطلب ويرغب فيها ، قال إبراهيم الخليل عليهالسلام : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ).
ثم ذكر الله تعالى جزاء المتصفين بتلك الصفات الإحدى عشرة فقال :