(قالَ : فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) قال فرعون : فأت بهذا الشيء الذي يشهد لك ، والدليل الواضح على دعوى الرسالة ، فكل من يدعي النبوة عليه تأييد دعواه ، ظنا منه أنه سيعارضه.
فقه الحياة أو الأحكام :
هذه مناظرة حاسمة في شأن إثبات وجود الله بين موسى عليهالسلام وفرعون الطاغية الجبار.
يتبين منها النزعة المادية عند الماديين والملحدين ، الذين يريدون رؤية الله تعالى بالعين المجردة أو لمسه بالحس المجاور ، كشأن بقية المواد ، لذا استفهم فرعون عن حقيقة رب العالمين ، فأتى موسى عليهالسلام بالصفات الدالة على الله من مخلوقاته ، التي لا يشاركه فيها مخلوق ؛ لأن حقيقة الله لا يدركها أحد ، ولأن المادة المجسدة محدثة ، والله تعالى هو خالقها وموجدها.
وكان جواب موسى الأول أن الله هو خالق السموات والأرض وما بينهما ، فهو المالك والمتصرف وخالق الأشياء كلها ، العالم العلوي وما فيه من الكواكب الثوابت والسيارات النيّرات ، والعالم السفلي وما فيه من بحار وقفار وجبال وأشجار وحيوانات ونبات وثمار ، وما بين ذلك من الهواء والطير وغيرهما. وخلق الأشياء هو الدليل القاطع على وجود الله : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ ، أَفَلا تَذَكَّرُونَ) [النحل ١٦ / ١٧].
فلما أدرك فرعون عجزه عن الإيجاد والخلق ، قال : (أَلا تَسْتَمِعُونَ)؟ مستخدما أسلوب الإغراء والتعجب من غرابة المقالة التي تصادم المقرر في عقيدة القوم أن فرعون ربهم ومعبودهم ، كالفراعنة المتقدمين.
ثم أتى موسى عليهالسلام ثانيا بدليل يفهمونه عنه من الحس والمشاهدة التي