المناسبة :
بعد أن أثنى إبراهيم عليهالسلام على ربه وعظم شأنه ، وعدّد نعمته من لدن خلقه وإنشائه إلى حين وفاته ، مع ما يرجى في الآخرة من رحمته ، أتبع ذلك بالدعاء بدعوات المخلصين ، وابتهل إليه ابتهال الأوّابين ، وهذا على ما هو مطلوب من تقديم الثناء على الدعاء.
التفسير والبيان :
سأل إبراهيم الخليل ربّه أمورا في هذه الدعوات تجعله من الأخيار المصطفين ، للتعليم والاقتداء به ، وتلك الأمور هي :
١ ـ (رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً) أي امنحني يا رب علما وفهما ومعرفة تنير بها قلبي للتعرف على صفاتك ، وإدراك الحق والصواب لأعمل به.
٢ ـ (وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) أي وفقني لطاعتك ، لأنتظم في زمرة الكاملين في الصلاح المنزهين عن الذنوب كلها صغيرها وكبيرها ، واجعلني مع الصالحين في الدنيا والآخرة ، كما قال النبي صلىاللهعليهوسلم عند الاحتضار : «اللهم في الرفيق الأعلى» قالها ثلاثا. وقال صلىاللهعليهوسلم في دعائه : «اللهم أحينا مسلمين ، وأمتنا مسلمين ، وألحقنا بالصالحين ، غير خزايا ولا مبدّلين».
وقد أجاب الله دعاء إبراهيم كما قال : (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) [العنكبوت ٢٩ / ٢٧].
٣ ـ (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) أي واجعل لي ذكرا جميلا بعدي ، أذكر به في الدنيا ، بتوفيقي للعمل الصالح ، فيقتدى بي في الخير. فأجاب الله دعاءه كما قال : (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ، سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ ، كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) [الصافات ٣٧ / ١٠٨ ـ ١١٠].