(يا أَيُّهَا النَّاسُ ، عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ ، وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ..) أي أوتي نعما كثيرة ، ومنها تعليمه كلاما لا يعلمه سواه.
٣ ـ تسخير الرياح له : كان لسليمان بساط الريح ينقله من مكان إلى آخر بعيد ، ويوجه الريح حيث يشاء ، فيأمرها بأن تهب في ناحية ما ، كما قال تعالى : (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها) [الأنبياء ٢١ / ٨١] ، (فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ) [ص ٣٨ / ٣٦] ، (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ) [سبأ ٣٤ / ١٢].
٤ ـ تربية الخيول وهي الصافنات الجياد للجهاد : كان رباط الخيل مندوبا إليه في ملة سليمان عليهالسلام ، كما هو مندوب في شرعنا ، قال صلىاللهعليهوسلم ـ فيما رواه الإمام أحمد والشيخان والترمذي والنسائي عن عروة البارقي ـ : «الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة ، والأجر والمغنم». وكان سليمان يستعرضها كالعروض العسكرية اليوم بمناسبات وطنية أمام الرؤساء ، وكان يحبها لأمر الله تعالى وطلب تقوية دينه ، وهو المراد من قوله تعالى : (عَنْ ذِكْرِ رَبِّي). وقد أعاد عرضها أمامه يمسح سوقها وأعناقها ، تشريفا لها وإعزازا لنعمتها في جهاد العدو ، وتفقدا لأحوالها وأمراضها وعيوبها ، وهذا هو المقصود من الآيات : (وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ ، نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ، إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ ، فَقالَ : إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ. رُدُّوها عَلَيَّ ، فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) [ص ٣٨ / ٣٠ ـ ٣٣]. وأما تفسير هذه الآيات بما يتنافى مع منصب النبوة ، كالاشتغال بالخيول عن صلاة العصر ، ثم تقطيع أعناقها وسوقها ، فهو باطل لا أصل له ، كما ذكر الرازي في تفسيره الكبير.
٥ ـ فتنة سليمان وإلقاء الجسد على كرسيه : ذكر الله تعالى بعد قصة عرض الصافنات الجياد هذه الفتنة ، فقال : (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ