٩ ـ قصة النملة : كان سليمان بتعليم الله وإرشاده يفهم أيضا لغة النمل ، كما يفهم منطق الطير ، وذلك كله من المعجزات الخارقة للعادة ، وقد بيّنا كيفية فهم سليمان خطاب النملة في بني جنسها : (وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ ، فَهُمْ يُوزَعُونَ ، حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ، ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ ، لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ ، وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ. فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها ، وَقالَ : رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ ، وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ) [النمل ٢٧ / ١٧ ـ ١٩].
١٠ ـ موت سليمان عليهالسلام : أعمى الله موت سليمان على الجان المسخرين لخدمته في الأعمال الشاقة ، فإنه مكث متوكئا على عصاه (منسأته) بعد موته مدة طويلة نحوا من سنة كما يقال ، فلما أكلتها الأرضة (دابة الأرض) ضعفت وسقط إلى الأرض ، وعلم أنه قد مات قبل ذلك بمدة طويلة ، وهو أمامهم ، وتبينت الجن والإنس أنهم لا يعلمون الغيب قطعا ، فقال تعالى : (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ، ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ ، فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ، ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ) [سبأ ٣٤ / ١٤]. وهذا من تكريم الله لسليمان عليهالسلام ، وإلقاء هيبته على الجنّ والإنس حتى بعد موته.