التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى عما يقع يوم القيامة من تقريع الكفار في عبادتهم من عبدوا من دون الله كالملائكة وغيرهم فقال :
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ، فَيَقُولُ : أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ) أي واذكر أيها الرسول لأولئك المشركين يوم يجمعهم مع معبوديهم من الملائكة والمسيح وعزير والأصنام التي ينطقها الله وغيرهم من الناس كفرعون ، الذين عبدوا من دون الله ، فيقال لأولئك المعبودين على سبيل التقرير والتثبيت : أأنتم أوقعتم عبادي في الضلال عن طريق الحق ، أو هل دعوتم هؤلاء إلى عبادتكم من دوني ، أم هم ضلوا عنه بأنفسهم أو عبدوكم من تلقاء أنفسهم من غير دعوة منكم لهم ، كما قال الله تعالى : (وَإِذْ قالَ اللهُ : يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ، أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ : اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ؟ قالَ : سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ، إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ، تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي ، وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) [المائدة ٥ / ١١٦].
واستعمال (ما) في قوله تعالى : (وَما يَعْبُدُونَ) لأنها موضوعة للعقلاء وغيرهم : على العموم ، وفائدة (أَنْتُمْ) و (يَحْشُرُهُمْ) لأن السؤال ليس عن الفعل ووجوده ؛ لأنه لو لا وجوده لما توجه هذا العتاب ، وإنما هو عن متوليه وفاعله ، فلا بد من ذكره ، ليعلم أنه المسؤول عنه. والسؤال ليس لإخبار الله ، فالله سبحانه قد سبق علمه بالمسؤول عنه ، ففائدته أن يجيبوا بما أجابوا به لتقريع عبدتهم بتكذيبهم إياهم ، فيبهتوا وينخذلوا وتزيد حسرتهم ، ويكون ذلك كشفا وافتضاحا لعبدة الأصنام والأوثان وغيرهم ، ومسوغا لإلحاق غضب الله وعذابه ، كما أبان الزمخشري.
وظاهر السؤال في قوله : (أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ ..) من الله تعالى ، ويحتمل أن يكون ذلك من الملائكة بأمر الله تعالى.