(وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً) أي ومن يشرك بالله أو يكفر ، أو يفسق نذقه يوم القيامة عذابا شديدا لا يعرف قدره. والظلم هنا هو الإشراك ونحوه كما قال تعالى : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان ٣١ / ١٣] وقال سبحانه : (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الحجرات ٤٩ / ١١].
فقه الحياة أو الأحكام :
هذه صورة مسبقة من الحوار ، معروضة في الدنيا ، للعظة والعبرة بين المعبودين الذين اتخذوا آلهة من غير رضا منهم ، وبين العابدين الذين ضلوا عن الحق ، فعبدوا من لا يستحق العبادة ، يبيّن فيها سلفا مصير الكافرين. وهذا غير مألوف في أحكام الدنيا التي لا تعرف إلا بإعلان القاضي لها.
وكانت نتيجة الجواب والسؤال بيان حصر المسؤولية عن الضلال في العابدين دون المعبودين ، وجعل تبرؤ المعبودين عن العابدين سببا واضحا في حسرتهم وحيرتهم.
ويقول الله تعالى عند تبرّي المعبودين : (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ) أي كذبتكم تلك الآلهة المزعومة في نظركم في قولكم : إنهم آلهة ، وحينئذ لا يستطيع هؤلاء الكفار لما كذّبهم المعبودون صرف العذاب عن أنفسهم ، ولا نصر أنفسهم مما ينزل بهم من العذاب بتكذيبهم إياكم.
ونوع العذاب الذي سيوقع عليهم وعلى أمثالهم هو كما قال تعالى : (وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً) أي ومن يشرك منكم ثم يموت عليه من غير توبة ، نذقه في الآخرة عذابا كبيرا أي شديدا ، كما قال تعالى : (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) [الإسراء ١٧ / ٤] أي شديدا.